IMLebanon

لبنان طبق رئيسي على الطاولة في محادثات فرنسية – أميركية – سعودية في نيويورك

انفراجات على خط التأليف والانتخابات الرئاسية في علم الغيب

هل اقتنع أهل الحل والربط من السياسيين في لبنان بما أُسدي لهم من نصائح عربية ودولية بضرورة الاستعجال في تأليف حكومة جديدة للحؤول دون سقوط البلد في مهوار الفراغ والفوضى، بعد ان وصلت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى حد بات يتخوف معها من انفجار اجتماعي بدأت ملامحه بالظهور على أكثر من مستوى؟

إذا كانت الساعات الماضية قد حملت تباشير إمكانية الوصول إلى تفاهمات بين بعبدا والسراي على توليفة حكومية تضم غالبية الوزراء الحاليين مع تعديلات محدودة في بعض الأسماء فإن اي معطيات حاسمة لم تبرز بعد، وإن ما يُضخ من أجواء تفاؤلية غير مبنية على وقائع ملموسة، بل هي نتيجة إبداء بعض الدول العربية والأجنبية الرغبة في المساعدة على طي هذا الاستحقاق والتوجه نحو إتمام الاستحقاق الرئاسي والحؤول دون دخول لبنان في دائرة الفوضى الدستورية والقانونية في حال بقيت حكومة تصريف الأعمال إلى حين نهاية العهد ولم يكن قد تم التفاهم على انتخاب رئيس جديد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: على ماذا عوَّل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بقوله لدى مغادرته قصر بعبدا الاسبوع الفائت بأنه لن يغادر القصر بعد عودته من نيويويرك حتى يتفق ورئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة، فهل وصلت إلى ميقاتي اشارات خارجية بضرورة انجاز هذا الملف بسرعة؟.

المعلومات المتوافرة تؤكد بأن اللقاء الاخير بين الرئيسين عون وميقاتي لم يكن حاسماً لجهة الدفع باتجاه التأليف وأن مواقف الرجلين بقيت ثابتة، ولم تشهد أي متغيرات جوهرية يمكن البناء عليها في ما خص عملية التأليف، وأن جُلَّ ما في الأمر ان الرئيس ميقاتي لمس جدية عربية ودولية بإمكانية مساعدة لبنان على تخطي هذه الأزمة، وأن ما سُرِّب من مواقف غير مشجعة لصندوق النقد الدولي شجع الرئيس المكلف على إعادة المحاولات في التفاهم مع الرئيس عون على التأليف، ويظهر ان هذه العوامل الاقليمية والدولية قد تؤدي بالأطراف اللبنانية إلى تبادل التنازلات في سبيل مواجهة أي شغور رئاسي بحكومة مكتملة الاوصاف، وكذلك اعادة تحريك عملية التفاوض مع صندوق النقد الذي ابلغ المسؤولين اللبنانيين بأنه من غير الوارد ان يستمر الانتظار إلى ما شاء الله لتكون هناك جهة صالحة في لبنان يتفق معها لتقديم المساعدات، وانه ابدى كذلك استياءه من البطء الحاصل في الولوج بالعملية الاصلاحية نتيجة النكد السياسي الذي يطغى على الساحة الداخلية ويحول دون ان يقوم المجلس النيابي بالمهمة المنوطة به لجهة المصادقة على رزمة من المشاريع واقتراحات القوانين التي تصب في الخانة الاصلاحية لمرافق الدولة والحد من الفساد والهدر الذي ادى إلى هذا الانهيار في الاقتصاد والعملة الوطنية.
ومهما يكن من امر فان مصادر سياسية متابعة ترى ان الاوضاع السياسية تتجه نحو الاحسن، وأن ما يصدر عن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يؤكد رغبة الطرفين في استيلاد حكومة على وجه السرعة، مع العلم بأن زوار الرئيس عون يؤكدون بأنه ما زال على شروطه المسبقة في شأن التأليف، مشيرة إلى ان الامور قد تتجه إلى تعديل وزاري يكون اقرب إلى تشكيل حكومة جديدة، إذ أن الثابت إلى الان ان التغيير سيشمل ثلاثة وزراء هم: المالية، والاقتصاد، والمهجرين.
صندوق النقد مستاء من البطء في ولوج عملية الإصلاحات ولن ينتظر إلى ما شاء الله
وفي الوقت الذي يتحدث فيه معظم الافرقاء عن ايجابيات قريبة ستظهر في ما خص تأليف الحكومة، فإن هؤلاء يسلمون بأن لبنان مقبل على فراغ رئاسي، نتيجة الانشطار السياسي الموجود والذي يحول دون التفاهم على اسم رئيس يتربّع على كرسي بعبدا، وهو ما حمل المسؤولين الفرنسيين إلى تحذير المسؤولين اللبنانيين، إما بشكل مباشر أو عبر القنوات الدبلوماسية، بضرورة التنبه إلى مخاطر المرحلة، في ظل الارباكات التي تضرب المنطقة، وخصوصاً التطورات الخطيرة الناجمة عن الحرب الروسية – الاوكرانية، ويحث هؤلاء اللبنانيين على ضرورة الاسراع في ترتيب بيتهم الداخلي للحؤول دون دخول الرياح الاقليمية والدولية العاتية التي تهدد المنطقة برمتها.

من هنا تؤكد المصادر السياسية بأن نهاية الاسبوع الحالي ستضج بالحركة السياسية التي ستعمل على تعبيد الطريق أمام التأليف، وأنه من غير المستبعد دخول فرنسي وإن بشكل غير مباشر او بواسطة موفد رئاسي يزور لبنان من اجل تسهيل ولادة الحكومة الجديدة، لأن باريس ترفض أن ترى الفوضى تعم لبنان، وأنها تريد لهذا البلد أن ينعم بالاستقرار والازدهار وهي ستبذل ما بوسعها في سبيل تحقيق هذه الغاية التي تراها غير مستعصية في حال تصالح المسؤولون في لبنان مع انفسهم، ووضعوا مصلحة بلدهم فوق اي اعتبار.
وتلفت المصادر النظر إلى وجوب انتظار ما سيتبلور عن اللقاء الثلاثي الذي سيعقد في نيويورك على هامش اجتماعات الدورة العادية للأمم المتحدة بين مسؤولين اميركيين وفرنسيين وسعوديين حيث إن الملف اللبناني سيكون من الاطباق الرئيسية التي ستحضر على طاولة هذه الاجتماعات، وأن الدول الثلاث حُكماً ستخرج بموقف موحد تجاه ما يجري في لبنان تحت عنوان ضرورة تجنيب لبنان الدخول في أتون الفوضى الدستورية والاجتماعية وربما الامنية حيث هناك من يتوجس خيفة من ان يؤدي انفلات الشارع إلى حدوث تطورات امنية ستكون نتائجها كارثية على مجمل الوضع اللبناني.