Site icon IMLebanon

نظام الغطرسة والاستكبار في إيران

سبع وثلاثون سنة والعرب يتحمّلون من نظام ولاية الفقيه في إيران ما لا تتحمله دولة أو مجموعة دول، فمنذ قيام نظام ولي الفقيه في العام 1979 مع إعادة الخميني الى طهران حيث جيء به من ضواحي باريس ونحن العرب نؤخذ بأنّ الإيراني يساعد المقاومة، والإيراني يدعم القضية الفلسطينية.

وسرعان ما تبيّـن أنّ هذا النظام الذي يتدثّر بالإسلام ليس سوى امتداد لمطامع تاريخية مأزومة منذ «ذي قار» و»قادسية العرب» الأولى الى «قادسية صدّام» الثانية… فمِن جهة سرق علم فلسطين وراح يتباهى بسرقته، ومِن جهة ثانية دعم المقاومة، من دون أدنى شك في جنوب لبنان، ولكنه ليس دعماً للبنان بل لفئة جعلت طهران تمتد بنفوذها التسلّطي على لبنان.

وكي لا نُتهم بأنّنا نلقي الكلام من دون تدقيق نذكّر بالوقائع الآتية التي صدرت في طهران خلال الأسابيع القليلة الماضية:

أوّلاً- أعلن علي يونس نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني «أنّ إيران أصبحت الآن امبراطورية، كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي (أي بغداد) مركز حضارتنا وثقافتنا كما كانت في الماضي».

إنّه استعلاء لا مبرّر له، واستكبار مفضوح، وكلام ينم عن أنّ نظام آيات الله في إيران لا يريد أصدقاء ولا حلفاء، فقط يريد أزلاماً وأتباعاً ومنفّذي أوامر.

ثانياً- اعتبر مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرّب من المرشد الإيراني علي خامنئي أنّ العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، مبيّناً أنّ ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية.

وأضاف زاكاني خلال حديثه أمام أعضاء البرلمان الإيراني، أنّ إيران تمر في هذه الأيام بمرحلة «الجهاد الأكبر»، منوّهاً أنّ هذه المرحلة تتطلب سياسة خاصة، وتعاملاً حذراً من الممكن أن يترتب عليه عواقب.

فهل هذا هو الجهاد الأكبر؟ وهل الجهاد الأكبر يكون في الهيمنة على العواصم العربية بواسطة الميليشيات ضد معظم أبناء تلك البلدان؟ ولعلّ زاكاني على حق في ناحية واحدة وهي تحذره من العواقب… وأولى ارتداداتها على إيران قمع الحوثيين في اليمن.

ثالثاً- الفريق «يحيى رحيم صفوي»، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الايراني الأعلى، هو أيضاً قال إنّ حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن، بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني، وأضاف «حدودنا الغربية لا تقف عند «شلمجة» -على الحدود العراقية غربي الأهواز- بل تصل الى جنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الابيض المتوسط»، في إشارة الى حدود الامبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام.

واعتبر صفوي أنّ الأزمة السورية «أحد الأحداث العظيمة في التاريخ المعاصر»، وصنّف المنافسة الاستراتيجية في سوريا بين محورين: المحور الأوّل الذي يحمل أفكاراً غربية، وصهيونية، وعربية، والثاني يتضمّن إيران، وروسيا، و»حزب الله» اللبناني، والصين، والعراق، وأضاف صفوي «تكتسب سوريا أهمية لإيران لكونها جسراً للتواصل بين دول شمال أفريقيا، وآسيا، كما أنّ سوريا الدولة الوحيدة التي لم تعترف رسمياً بالكيان الصهيوني، وقامت بتشكيل محور للمقاومة (أمام إسرائيل)»(…).

فهل من صلف أكثر من هذا؟ وهل من ازدراء للقِيَم والمعايير الدولية أكثر مما أوردناه أعلاه؟ وهل من استكبار أكبر من هذا الذي يعيّر الإيرانيون به أميركا وهم قد بزّوها استكباراً وتعنتاً وغطرسة.

فلو كان صدّام حسين لا يزال على قيد الحياة، هل كان في مقدور النظام الإيراني أن «يلعب» في «الملعب العراقي» كما يفعل اليوم.

وهل كان في مقدوره أن يلعب في الملعب السوري كما يفعل اليوم لو كان حافظ الأسد لا يزال على قيد الحياة؟

أمّا الوقوع في المزايدات فهذا من شأنه أن يستجرّ انتفاضة عربية – إسلامية – قومية – سنّية تقول: لا لهذه الغطرسة، كما بدت طلائعها تظهر في مؤتمر القمة العربية السادسة والعشرين التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي في شرم الشيخ، والتي تعتبر خطوة بارزة على الطريق الصحيح خصوصاً وأنّها توافقت مع القرار العسكري في مواجهة الانقلابيين الحوثيين في اليمن…

أمّا أن ينبري سماحة السيّد حسن نصرالله ليعيّر أركان قمة شرم الشيخ بأنّهم لم يفعلوا شيئاً لقضية فلسطين فهذه مزايدة ساقطة… أو أنّ سماحته بحاجة الى مَن ينعش ذاكرته حول التضحيات الجسام التي قدمتها مصر في العام 1967 وأيضاً في العام 1973؟!.

وأيضاً إنعاش ذاكرة سماحته بإسهام جيوش عربية عدّة في الحرب ضد إسرائيل وبالذات الجيش السعودي والجيش المغربي والجيش العراقي أيام كان العراق تحت الحكم الوطني والعروبي…

ونقول له: صحيح إنّكم حررتم الجنوب ولكنكم حررتم بيوتكم وأرزاقكم… ومع ذلك هيْمنتم على لبنان وما زلتم تعطلون إنتخابات رئاسة الجمهورية لأنّ لكم في هذا الفراغ مكسباً ومصلحة!

فقليلاً من الهدوء… ونظرة واقعية الى التطوّرات، والتوقّف عن محاسبة الآخرين وإدانتهم وأنتم لستم في موقع من يوجّه الإتهامات!