IMLebanon

«حقوق الإنسان» تفرض نفسها على الانتخابات الرئاسية

المشنوق يذكّر بتعذيب الأمنيين.. والسنيورة يرد: كلام غير مفيد

«حقوق الإنسان» تفرض نفسها على الانتخابات الرئاسية

الجلسة رقم 25 أو 35 أو 45… لا فرق. المهم أن السيناريو تكرر بحذافيره مرات ومرات. يدخل النواب إلى بهو المجلس النيابي ثم إلى القاعة العامة. تشير ساعة المجلس إلى الثانية عشرة، موعد جلسة انتخاب الرئيس. ينتظر الأمين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر بعدها نصف ساعة، قبل أن يدخل إلى حيث يتجمع النواب معلناً تأجيل الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب (الجلسة المقبلة في 15 تموز). ومن نصاب الـ86 نائباً المطلوب لانعقاد الجلسة، لم يحضر سوى 46 نائباً لم يتمكن منهم الملل بعد، وهكذا بدل نصاب الثلثين لم يحضر سوى الثلث.

حتى كون الجلسة مناسبة للقاء والتصريح واستغلال وجود وسائل الإعلام لم يعد مغرياً إلا لقلة. أمس، كان الرئيس فؤاد السنيورة في طليعة المصرّحين، متنقلاً بين عدة مواضيع أبرزها فضيحة التعذيب الأخيرة في سجن رومية. تلك الفضيحة مرت على القاعة العامة، بعدما سكنت لبرهة في مبنى مكاتب النواب حيث عقد اجتماع لجنة حقوق الانسان، التي حضرها الوزير نهاد المشنوق.

ولأن مشاهد التعذيب التي تعرّض لها السجناء لا تزال حاضرة شعبياً وسياساً، لم تتأخر اللجنة المعنية في وضع يدها على الأمر. ولأن السجناء الأربعة حموا بأجسادهم كل من يُعذَّبون ويُضربون بعيداً عن الأعين والكاميرات، فإن اللجنة أرادت أن تجعل من القضية فرصة لضبط هذا الوضع الشاذ، الذي لا يشك أحد أنه يتكرر في سجون أخرى كما في مخافر ومراكز تحقيق.

استمع النواب إلى شرح من المشنوق عن واقع السجون والاكتظاظ في سجن رومية وغيره من السجون والنظارات. وتوقف عند حادثة رومية ليقول إنها «عمل أفراد وليست ضمن منهجية التعذيب». ولأن رئيس اللجنة النائب ميشال موسى سعى منذ البداية لحجب السياسة عن الجلسة، انطلاقاً من أن كل المنابر مفتوحة للمناكفات السياسية، ومن المفيد أكثر التركيز على أمرين: القوانين وحقوق الإنسان. وبالفعل، هكذا كان، إذ خلت الجلسة من أي سجال سياسي، وتخللها إشادات بأداء وزير الداخلية وسرعة تصرفه وإحالته العناصر التي شاركت في التعذيب إلى التحقيق. علماً أن المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود أكد في الجلسة على «متابعة هذا الموضوع حتى النهاية وإنزال العقوبات بالمرتكبين».

في الشق المتعلق بالقوانين، كان تأكيد على ضرورة إقرار قانون «الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب» التي أقرت في اللجان المشتركة وتنتظر الإقرار في الهيئة العامة. علماً أنه يؤمل أن يشكل إقرار هذه الهيئة، المؤلفة من قضاة وناشطين حقوقيين وأساتذة جامعات، نقلة نوعية في إطار سعي لبنان إلى احترام حقوق الإنسان.

لكن، وإلى أن ينتهي الجمود في عمل السلطة التشريعية، فإن ما اتفق عليه من إجراءات عملية، يبقى الأهم، ولاسيما: تفعيل تطبيق المادة 402 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على زيارة القضاة ومدعي عام التمييز للسجون مرة شهريا على الاقل، ووقف العمل بوثائق الاتصال من قبل الاجهزة الامنية.

كما أوصت اللجنة مجلس الوزراء «تشكيل لجنة طوارئ وزارية لتحسين أوضاع السجون بتخطي الروتين الاداري وتوفير الإمكانيات العملية لحل هذه المعضلة بالسرعة اللازمة».

وأوضح موسى، بعد الجلسة، أنه لا بد من المطالبة «بإنجاز هذه الامور على أمل السعي الجدي لمعالجة هذا الوضع الشاذ الذي يقتضي الاسراع في انعقاد جلسات تشريعية وجلسات مجلس الوزراء، لان هذا الموضوع شأنه شأن كل المواضيع الضرورية، يفترض تحمل المسؤولية».

أما المشنوق، فأشار، في دردشة مع الصحافيين، إلى أنه «لا نستطيع محاكمة مؤسسة فيها ثلاثون الف عنصر بسبب ارتكابات ومخالفة خمسة اشخاص منها».

واستغرب «التركيز على هذا الفيلم في الوقت الذي كان عرض قبل عشرين يوما فيلم عن تعذيب المساجين للعناصر الأمنية ولم يحرك احد ساكنا، ولم يعط هذا الموضوع الاهمية».

لم يتأخر الرد على المشنوق، لكنه جاء من رئيس كتلته تحديداً، إذ قال السنيورة، رداً على سؤال، بعد تأجيل جلسة انتخاب الرئيس، واجتماعه بالنائب جورج عدوان لأكثر من ساعة، إن «هذا الكلام الآن غير مفيد. يجب ان يكون الكلام على ما حصل مؤخرا، والكلام عن الماضي لا يفيد». ومع ذلك، فقد عاد وأكد أن له ملء الثقة بمتابعة المشنوق لهذا الملف لكشف تفاصيل ما جرى ومعاقبة الفاعلين.

كما دعا السنيورة إلى «إفساح المجال أمام الصليب الاحمر الدولي ليتحقق من هذه الامور، وليس فقط على السجون انما على كل مراكز التحقيق وعلى كل مراكز الاحتجاز في لبنان اينما كانت»، معتبراً أن «المقصود من عملية التسريب هو اثارة فتنة لضرب الاعتدال في لبنان، وايضا المس بصدقية قوى الامن الداخلي وصدقية فرع المعلومات وضرب عدد من الامور في هذا الشأن». وقال رداً على سؤال عن اتهام ريفي لـ «حزب الله» بتسريب الشريط، إنه لا يقدر على الجزم «وقد يكون لريفي معطيات ليست لدي».

وفي السياق الرئاسي، قدم السنيورة مطالعة مطولة أنهاها بالإشارة إلى أنه «حتى الآن لم نستوعب حقيقة أساسية أن رئاسة الجمهورية ليست كرئاسة المجلس وليست كرئاسة مجلس الوزراء على الاطلاق، انها السلطة الجامعة التي يقول عنها الدستور انها تمثل وحدة اللبنانيين ووحدة البلاد». وإذ أبدى اعتراضه على الاستمرار «في تصنيف هذا أو ذاك إذا كان وفاقياً أو توفيقياً»، سأل «كيف يكون توفيقياً إذا لم يكن وفاقياً؟»، أضاف: «ليس معنى ذلك انه يمثل فريقا من اللبنانيين وبمجيئه الى سدة الرئاسة يؤدي الى استعداء فريق اخر من اللبنانيين، هذا الامر علينا ان نفهمه ونفهم بالتحديد ما هو دور رئيس الجمهورية، الامر يجب ان يكون واضحا امامنا».