في منتصف هذا الليل، يقفل باب تسجيل اللوائح الانتخابية القائمة على القانون الانتخابي الجديد وفق نظام، قيل انه نسبي، وهو في حقيقة الامر نظام هجين لا يعرف رأسه من ذنبه، اقلّ ما يقال فيه انه بشع «ثقيل الدم» وسبق لوزير الداخلية نهاد المشنوق ووصفه بأنه «لئيم وخبيث» ولا اعرف كيف يمكن لنظام انتخابي هذا وصفه وشكله، أمكن تمريره في الحكومة وفي مجلس النواب، وفرض على الناس ليزيد في اتساع حدّة النزاع والخلافات بين الاحزاب والتيارات والشخصيات السياسية. وبين المواطنين الذين كانوا يحلمون بنظام انتخابي مبسّط وعملي وقادر على توفير حريّة الاختيار بأفضل اسلوب ديموقراطي، فقدّموا للمواطنين نظاما قد يصلح للاحزاب في الدول ذات الانظمة المدنية غير الطائفية كما هو واقع الحال في لبنان ومن المستغرب ان حاملي لواء هذا النظام منذ البداية مثل رئىس مجلس النواب نبيه بري، ما زالوا على بعد اقل من 40 يوما من اجراء الانتخابات يشككون بحصولها وهذا الامر ان دلّ على شيء فعلى ان حساب الحقل لن يطابق على حساب البيدر لما في هذا النظام من ثغرات لا تعدّ ولا تحصى.
امّا وان ما كتب قد كتب، فمن الطبيعي والضروري الاشارة الى ابرز ما ميّز السباق الى الترشّح والى تشكيل اللوائح، عند معظم الاحزاب والتيارات، حيث اختلط الحابل بالنابل، وتحالف البعض مع خصومه في النهج والعقيدة في دوائر معيّنة، وخاصمه في دوائر اخرى، في تحالفات غير طبيعية وغير منطقية ومتضاربة بين بعضها بعضا اضافة الى ان بعض رؤساء اللوائح بدأ معركته بالتركيز على العموميات من القضايا الاجتماعية، وعندما لمس ان هذه السياسة لا تطعم ناخبين، رفع سقف خطابه الى اقصاه، وركّز على شدّ العصب اما بالسياسة، او بالشخصي او بنبش ملفات مرّ عليها الزمن، او بإثارة الغرائز الطائفية والمذهبية، او بالتفتيش عن اثرياء يستعطون مقعدا في لائحة، وبدأ الكلام على ان الانفاق المالي في هذه الانتخابات يتخطّى السقوف الموضوعة وهي اساسا مرتفعة، واكثر ما يؤسف هو تعرّض من بينهم تحالفات الى اتهامات مريرة لا يمكن ان تنتهي الاّ بندوب عميقة يلزمها الكثير لتندمل.
* * *
لفتني في بيان انسحاب الرئيس حسين الحسيني من السباق الانتخابي قوله «هذه الانتخابات» ليست انتخابات وليست نيابية، الاّ في ظاهر الامر…» والحسيني في قوله هذا اختصر القانون والنظام الانتخابي والمعركة الانتخابية بكلمات قليلة وهو المشهور بقلّة كلامه ولكن بالكثير من المضمون الصحيح، كما ان وزير الداخلية الاسبق مروان شربل تنصّل من هذا القانون واعلن في اكثر من مرة انه تمّ تشويهه على ما كان عليه…» وهو حتى هذه اللحظة يخشى ان لا تحصل الانتخابات في موعدها المحدد، يبقى اشارة اخيرة الى ما نقله البطريرك بشارة الراعي عن رئىس الجمهورية العماد ميشال عون بأن «الدولة مفلسة» والسؤال كيف يمكن لدولة مفلسة ان تواجه العالم بطلب مساعدات وينفق على معركة انتخابية في بلد مفلس مئات ملايين الدولارات؟!