«ويله، ويل أمه. كم هو كافر!!
ينكر ربه، ألف مرة في اليوم
كافر، يُمسك ربه في عنقه، ويخنقه
يا له من ظلمة مرعبة!!
يا له من أفعى تأكل نفسها!!
جوع… من دك العروش، غير الجوع؟
من اطلع ملايين من العبيد، من قبورهم غير الجوع؟ (…)
هذا المقطع من مقال للأديب الكبير المبدع المرحوم فؤاد سليمان ابن الكورة الخضراء، يتحدث فيه عن الجوع بواقعية كنّا نرى فيها شطحات من الخيال أيام الدراسة… إلاّ أننا اليوم نراها في صلب الحياة الإنسانية في مختلف بلدان العالم.
لم يكن يخطر لنا في بالٍ أن نرى لبناننا في جوع. فالكثيرون من أبناء الشعب اللبناني باتوا تحت خط الفقر. صحيح أنّ الأرقام متضاربة بين دراسة وأخرى، إلا أن ثمة إجماعاً على أننا دخلنا في المحظور.
«احذروا صولة الكريم إذا جاع». والأصح احذروا ثورته واللبناني في ثورة، ومع تفاقم الأزمة الاجتماعية باتت الاحتمالات كلها واردة. والناس مستنفرة، ومستثارة، ومهيأة نفسياً و… جسدياً! لذلك نحذر من ثورة الجياع التي لا نراها بعيدة.
… وعندئذٍ لن يستطيع أحدٌ أن يضبط الجائعين! ولن يجدي القول إن من يحرك الجياع هم هذه العاصمة أو تلك الجهة، أو ذلك المرجع أو الزعيم في الداخل.
هذا كلام لن يقدم ولن يؤخر فالأزمة ضاربة الأطناب، لها مسبباتها ودوافعها في ما أوصل المسؤولون لبنان اليه جراء السياسات الخاطئة التي امتدت طويلاً وأدت الى إثراء البعض حتى الانتفاخ، وإفقار الأكثرية الساحقة وقسم كبير منها حتى الجوع.
نتذكر (ولا نود أن نذكر الأسماء) كيف كنّا ننظر الى بلدان عربية وأجنبية كانت تعاني أزمات اقتصادية – اجتماعية خانقة. بعضها كان له عذر (صحيح أو مبالغ فيه) تحت شعار «إننا نعتمد اقتصاد المجهود الحربي». ومعظمها بسبب الجشع والفساد لدى الطبقات الحاكمة. وها نحن اليوم، «تفوقنا» على تلك البلدان المشار إليها أعلاه فإذا بنا نغوص في أزماتنا الى القعر.
نعم! يجب استرداد أموال الناس المنهوبة.
نعم! يجب محاكمة الفاسدين فمحاسبتهم على ما جنت أيديهم من ارتكابات في حق البلاد والعباد!
نعم! يجب إجراء جردة حساب كاملة شاملة تنتهي بأن يكون صاحب المال النظيف مكرماً ومعززاً، أما الثروات الحرام، فيجب أن تسترد من الذين راكموها بالاحتيال والنهب.
إن الجوع كافر لا يرحم.
وإن الناس جائعون.
وإن الجائع الذي لا يجد قوتاً أو دواءً لأطفاله لن يقف متفرجاً!
فاحذروا ثورة الجياع.