Site icon IMLebanon

حرب التجويع أخطر من حرب السلاح..

 

يوم لبناني بإمتياز، في حاضرة الفاتيكان… وقد افصح البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي امام قداسة البابا فرنسيس، عن مواقفه وآرائه وتطلعاته لحل ازمات لبنان المتعددة العناوين والمضامين، من غير اية قفازات او اقنعة وديبلوماسية… مكررا تحذيراته من ان لبنان «امام كارثة كبرى… واللبنانيون، على وجه العموم، مسيحيين ومسلمين، لم يعد لديهم الامل بالجماعة السياسية والمسؤولين الذين حولوهم الى محرومين من موارد العيش بعرق الجبين…»

 

يتفق غالبية اللبنانيين، في ضوء التجارب المتراكمة، على ان الرهان على «المنظومة السياسية» بإحداث الاصلاحات المطلوبة، وفي مقدمها تشكيل «حكومة الانقاذ» المطلوبة خارجيا وداخليا، لاخراج البلد من حالة الانهيار المستشرية ومعالجة اوجاعهم ومآسيهم، هو رهان خاسر… وهي «المنظومة» التي تعتمد سياسة كم افواه الشعب المحروق بلهيب ارتفاع اسعار المحروقات وغياب الكهرباء وسائر السلع الغذائية وفقدان الادوية وحليب الاطفال، حتى بدت احوال اللبنانيين كحال «المستجير من الرمضاء بالنار…»؟!

 

مع عودة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، من الخارج، الى دارته «بيت الوسط» البيروتي، تتجه الانظار  الى الاتي من الايام، وما يمكن ان تكون الت اليه «المساعي الحميدة» لفكفكة العقد وازالة العراقيل من طريق انجاز التأليف، لتبصر «حكومة الانقاذ» النور، وتعيد الى اللبنانيين، القدر الكافي من الطمأنينة والثقة، بالحاضر والمستقبل، وهم ما عادوا قادرين على احتمال ما الت اليه الاوضاع، من ترد على المستويات النفسية والمعيشية والمالية والاقتصادية والخدماتية، بل والصحية والامنية… مصحوبة  بإستمرار انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، مقابل الدولار الاميركي، من غير الكشف عن اسباب ذلك و من يقف وراءه، والناس تئن من فقدان الحد الادنى من القدرة الشرائية..

 

ومن قبل ان تطأ قدماه ارض لبنان كان  «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» له بالمرصاد، حيث طالبه جبران باسيل «بحسم امره بين التأليف والاعتذار… وإلا فإن على المجلس النيابي ان يحسم امره، اما بتعديل الدستور لوضع المهل للتأليف او استعادة القرار بالتكليف او تقصير مدة ولايته…» تماما كما ندد عضو كتلة «القوات» جورج عدوان بـ»المنظومة الحاكمة التي فيها رئيس حكومة مكلف، مسافر ولا يعود الى البلد للاجتماع يوميا مع رئيس الجمهورية حتى الاتفاق على تشكيل الحكومة..»؟!

 

لم يجد «فخامة الرئيس العماد»، صاحب التجارب السابقة، من سبيل لتثبيت زعامته، وتأكيد امساكه بالسلطة، سوى دعوة «المجلس الاعلى للدفاع» للاجتماع برئاسته، في القصر الجمهوري، بغياب رئيس الحكومة… وقد خلص الى جملة قرارات لم تأخذ بعين الاعتبار ان الازمة الخانقة التي تمسك بعناق اللبنانيين، لم تكن عفوية  ولا بنت ساعتها، وقد تعززت في عهده الكريم، ولم ترحم المؤسسات العسكرية والامنية، التي تعاني ما يعانيه اللبنانيون، على وجه العموم، من غير تمييز، خصوصا وان اللجوء الى العنف ليس في مصلحة احد، رغم التأكيد على واجبها في حماية الامن والاستقرار وصيانة حق اللبنانيين في التعبير عن الرأي تحت سقف منع التعدي على الاملاك العامة والخاصة…

 

يقر عديدون بصوابية موقف «كتلة التنمية والتحرير» برئاسة الرئيس نبيه بري، بتأكيدها ان «الصمت حيال المشهد المأساوي الذي يلحق باللبنانيين، في حياتهم وسمعتهم ومصادر رزقهم، لم يعد يجدي نفعا… وان عدم المبادرة والاسراع الى ايجاد الحلول، هو فعل يرقى الى مستوى «جريمة القتل الجماعي، بدم بارد…»

 

ليس من شك في ان تأليف «حكومة الانقاذ» يحتل صدر الاولويات والاهتمامات والمتابعات الخارجية والداخلية، وان بنسب متفاوتة احيانا، حيث ان المشهد اللبناني، يوحي وكأن هناك من يتعمد العرقلة للحؤول دون تشكيل الحكومة، رغم التسليم باءن التاءليف هو المدخل الالزامي لوقف الانهيار الشامل…» وقد ان الاوان كي يترجل الجميع عن صهوة المكابرة والكيد والمصالح الشخصية والفئوية، ويتنازلوا من اجل تحصين الوطن وشعبه وحفظهما من اي انهيار…» وذلك بتشكيل «حكومة اختصاصيين، لا اثلاث فيها ولا ارباع، لأي طرف من الاطراف، وفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية..» على ما قال الرئيس بري.

 

ما شهده لبنان في الايام الماضية، وعلى امتداد مساحته الجغرافية – البشرية، من احتجاجات غضب شعبي، بالغ الاهمية والدلالة، وهو رسالة الى كل من يعنيهم الامر، خلاصتها «ان الاتي اعظم «اذا استمرت الامور على حالها، خصوصا مع استمرار حرب الدولار الاميركي على الليرة اللبنانية، التي تدهورت الى حد فقدت فيه كل قيمتها الشرائية… وهي حرب اخطر كثيرا من حروب السلاح…»