هل تكشف فحوصات الـDNA مصير العسكريين المخطوفين؟
«رحلة صيد» قادت الى «مغارة الجثث»
أخذ الجيش عيّنات من الحمض النووي من أهالي العسكريين المخطوفين لمقارنتها مع عيّنات لجثث تسلّمها الأمن العام. المسؤولون الأمنيون يصرّون على نفي تسلّم أيّ جثة، لكن «الأخبار» تثبّتت من وجود أربع جثث مجهولة الهوية في المستشفى العسكري، عُثِر عليها مع 9 جثث أخرى في إحدى مغاور القلمون السورية
عُثر على ثماني جثث، ترتدي زيّ الإعدام الداعشي، داخل مغارة في بلدة قارّة في جبال القلمون السورية. إحدى الجثث كانت مقطوعة الرأس، فيما أُعدم كل من أصحاب الجثث السبع الأخرى بطلقة في مؤخرة الرأس. وقد نُقِلت أربع جثث إلى المستشفى العسكري في بيروت لإجراء فحوصات الحمض النووي، للتثبّت ممّا إذا كانت تعود للعسكريين اللبنانيين الذين اختطفهم تنظيم «الدولة الإسلامية» من عرسال في آب 2014. وأُخذت من أهالي الجنود المخطوفين عيّنات من الحمض النووي لمطابقتها مع العينات المأخوذة من الجثث. وبحسب المصادر، ستصدر نتائج الفحوصات اليوم.
بدأت القصة برحلة صيدٍ بين الجرود اللبنانية والسورية. انطلق شبّان من آل جعفر وإسماعيل من الجرود اللبنانية وتوغّلوا في جبال القلمون، ووصلوا إلى منطقة تسمّى «حليمة قارة» (قارة إحدى بلدات القلمون السورية). في إحدى المغاور، عثروا على ١٣ جثّة (ثمان منّها موضّبة بشكل خاص، فيما الجثث الخمس الباقية بملابس عسكرية مرمية في زاوية المغارة). اقترب الشبّان أكثر لتفحّص الجثث الموضّبة، ليتبيّن أنّها جميعها ترتدي زيّاً أزرق اللون، (ملاحظة: لون زيّ الإعدام المعتمد لدى «الدولة الإسلامية» برتقالي، إلا أنّه في عدد من الإعدامات الاستثنائية ألبس ضحاياه اللون الأزرق). أبلغ الشبّان جهازّي الأمن العام واستخبارات الجيش وجود الجثث التي يحتمل أن تكون للعسكريين المخطوفين. وتولّى اللواء عباس إبراهيم التنسيق مع الدولة السورية، وأرسل ضبّاطاً وعناصر من الأمن العام ليواكبوا الشبّان من آل جعفر وإسماعيل في رحلة طويلة في الجرود نهار السبت. انطلقت الرحلة من جرود بريتال مروراً بنحلة وصولاً إلى جبال القلمون. وتزامنت مع عاصفة ثلجية تضرب المنطقة، فغطت الثلوج الممرات الجبلية. رافقت المجموعة اللبنانية جرّافة لفتح الطريق. على باب المغارة، نزل أحد الضبّاط لتفحّص الجثث الثماني التي كانت مغطّاة بالنايلون، على عكس باقي الجثث. ورجّح الطبيب الشرعي أنّ تاريخ الوفاة لا يتجاوز ستة أشهر على أبعد تقدير. وتقرّر أن تُنقل أربع جثث إلى لبنان، لإجراء فحوص الحمض النووي على عينات منها لمقارنتها مع العيّنات التي أُخِذت من أهالي العسكريين المخطوفين. وبحسب المصادر الأمنية، ورغم عدم وجود أي دليل يشير إلى أنّ الجثث تعود للعسكريين، إلّا أن ما دفع إلى الاعتقاد بذلك هو العناية الخاصة بالجثث الثماني التي كانت مغطاة بطريقة مختلفة عن باقي الجثث داخل المغارة. وعزز هذا الاعتقاد الزي الأزرق الذي وُجِدت فيه الجثث الثماني دون غيرها، ما يرجّح فرضية أنّ الضحايا الثماني كانوا على قدرٍ من الأهمية بالنسبة إلى التنظيم حتى يدفعهم إلى ارتداء الزي الأزرق ليجرى تصويرهم قبل تنفيذ الإعدام. أما التكتّم على تسلّم الجانب اللبناني الجثث الأربع، ونفيه أمام وسائل الإعلام، فردّتهما المصادر إلى أنّ عدم وجود معلومة مؤكدة ودقيقة في هذا الخصوص يُلزم الأجهزة الأمنية التعاطي بسرية تامة في ملفات كهذه.
وبحسب المصادر نفسها، تصدر اليوم نتائج فحوصات الحمض النووي للجثث الأربع للتثبت إذا ما كانت ستأتي مطابقة لعيّنات الأهالي، أو أنها لضحايا آخرين. وفي حال تبيّن أنّ الجثث ليست للعسكريين، فسيُصار إلى تسليمها إلى السلطات السورية.