IMLebanon

إستعجال!

ليست المرة الأولى التي يستعجل فيها، مذيعو نشرات وبيانات المحور الممانع، والناطقون باسمه ولسانه، ويذهبون الى إعلان خلاصات سعيدة وحاسمة بالاستناد إلى عوارض ميدانية عابرة أو إلى سيناريوات افتراضية ومتخيلة!

منذ البدايات كان ذلك النمط البلاغي والبياني والتعبوي قائماً ولا يزال.. والغريب فعلاً وحقاً أن يبقى قائماً على ما هو عليه برغم تكسّره المرة تلو المرة، ووصول سوريا إلى حالة الاستعصاء والإقفال المتحكمة بها حالياً.. منذ اللحظات الأولى لوقائع درعا، كانت بثينة شعبان تغطّ على نفي وتطير على إنكار. وكان مريدو نظامها في دمشق وبيروت يملأون الدنيا ضجيجاً لنفي وجود «أي شيء غلط» في سوريا، وإرجاع ما «يُشاع» إلى غرف عمليات خليجية مهمتها فبركة «الأخبار الغلط». ثم فبركة التظاهرات نفسها و«أفلام» القمع والقتل والسحل وكل ما يمتّ إلى تلك الممارسات المخزية بصلة.

.. ومنذ بداية البدايات، كانت تلك الماكينة تتحرك بوتيرة جنونية لتأكيد متانة البنيان الأسدي و«شعبيته» الأكيدة! في مقابل ارتباط المناوئين له والثائرين عليه بتركيبة تآمرية تمتد على مساحة الخليج العربي وأوروبا الغربية وأميركا الشمالية، من أجل إجهاض قمر الممانعة المشع فوق عاصمة الأمويين، ودحر «المشروع» الذي يحمله بالنيابة عن «الأمة» بكل شعوبها وأقوامها ولغاتها وإراداتها والهادف إلى تصفية الحساب الأخير مع الصهاينة دفعة واحدة!

.. ومنذ بداية البدايات، ساهم كبار ذلك المحور مثل صغاره في أعمال تلك الماكينة، وكل حسب مستواه ومركزه وموقعه، بدءاً من الذي قال إن «لا شيء في حمص» إلى الذي حدّد «يوم الخميس المقبل» موعداً لانتهاء هذه الدربكة الدموية الفوضوية العابرة.. وصولاً إلى رسو زبدة البيان لدى الجميع، عند السحر الكامن في قصة «الإرهاب التكفيري» واختصار كل سوريا بـ«داعش» وكل السوريين بالخليفة الخلاّق «أبو بكر البغدادي»!

ومع ذلك كله، وترافقه مع شراسة نارية تدميرية عزّ مثيلها بين «نظام» و«شعبه»، فإن المسار الانحداري لتلك السلطة ما كان له أن يتوقف وما عرف أحد كيف يوقفه!.. حتى وصلنا إلى «عاصفة السوخوي» وكل طقوسها الشيشانية، فعادت الماكينة البلاغية ذاتها إلى حديث «النهايات السعيدة» المشفوع هذه المرة بجملة «نصائح» موجهة إلى الأغيار من أجل اللحاق بالركب المنتصر ومراجعة حساباتهم!

.. ومن الآخر: يمكن الزعم بسهولة نسبية أن ذلك النمط من النكران العبثي الغريب والانتحاري الذي دمّر سوريا وأحالها خراباً يباباً هو ذاته الذي يفترض اليوم أن «السوخوي» الروسية ستفرض انكساراً استراتيجياً للمعارضة وداعميها ومحيطها العربي والإسلامي الواسع.. وأن بشار الأسد «سيعود» ليحكم سوريا! وأن موسكو نفسها لن «ترضى» بأقل من ذلك!

برغم كل ظواهر الأسى والارتباك الماثلة حالياً، فإن كلام الأمس هو ذاته اليوم: الأسد صَارَ من الماضي، والاشتباك الراهن هو على ما بعده وليس عليه! وفي ذلك، لا يصحّ لعاقل (أو غاشٍ) أن يفترض أن الروس ذاهبون إلى «حل» أحادي كسري وفرضي، أو أنهم قادرون على ذلك إذا أرادوا!