أصبح واضحاً وصريحاً القول بأنّ إيران تمسك بالورقة اللبنانية… بمعنى أنّ الحكومة في لبنان لن تشكّل إلاّ بموافقة إيرانية…
كما تشير المعلومات الى أنّ الشعار الذي رفعه مرشد الثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، وراح يردّده عدد كبير من المسؤولين الايرانيين بدءًا بالرئيس حسن روحاني الى وزير خارجيته محمد جواد ظريف، وهو أنّ فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية دول تمنع تشكيل الحكومة في لبنان، هو شعار غير صحيح وغير منطقي وغير مقنع البتّة. وقول ظريف بأنّ بلاده لا تتدخل مرفوض تماماً.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، حتى جاء قول مستشار رئيس مجلس الشورى حسين عبد اللهيان ليضيف الى الطين بلّة… فهو يحذّر من نيّة أميركية، سعودية وفرنسية لمنع تشكيل حكومة في لبنان… كما أشار في تغريدة له على «التويتر» الى أنّ الدول الثلاث المذكورة، تنتهج سياسة محدّدة، مؤداها انها لا توافق على قيام حكومة قوية في لبنان… وأنها (أي الدول الثلاث)، تحاول الضغط على المقاومة لفرض التطبيع مع الكيان الصهيوني على لبنان.
وأكد اللهيان في نهاية تعليقه على أنّ محور المقاومة والجيش والحكومة اللبنانية هو المنتصر في نهاية المطاف.
أمام هذا الكلام الإيراني، نودّ أن نوضّح أمراً أساسياً، هو أنّ من يعطّل تشكيل الحكومة هو فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، لأنّ رئيس جمهورية لبنان لا يقبل تشكيل حكومة، لا يكون صهره المدلّل، وتلميذه اللامع جبران باسيل موجوداً فيها، أو على الأقل أن يكون له الرأي الأول والأخير في اختيار الأسماء. وهذا دليل على أنْ لا دخل لسفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، وسفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا وسفيرة فرنسا آن غريو بمشكلة «التعطيل»، لأنّ سفراء الدول الثلاث، حضروا الى قصر بعبدا بناء لدعوة من الرئيس ميشال عون… وأشير هنا الى الصدمة التي سيطرت على السفيرة الفرنسية، إذ رأت مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي، يجلس مع الرئيس مكثراً من الكلام… ما دفع بالسفيرة الى القول: «إنّ بلادي مهتمة بسماع رأي فخامة الرئيس، لا رأي حضرة المستشار».
إنّ طلب الرئيس عون بالثلث المعطل، أمر هو «المشكلة بحد ذاته»، الهدف منه «تطفيش» رئيس الحكومة المكلف سعد الدين الحريري صاحب الأعصاب «الفولاذية»، الذي تجاهل كل التصرّفات التي صدرت بحقه من رئيس الجمهورية، حفاظاً على لبنان واللبنانيين.
ويأخذ الرئيس عون، على الرئيس المكلّف، أنه لا يتشاور مع أكبر كتلة نيابية، يعني كتلة «لبنان القوي».. فبالله عليكم.. كيف يطالب عون الرئيس المكلف بمشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة، وتكتّل «لبنان القوي»، لم يؤيّد ترشيح الحريري أصلاً…؟ هذا أولاً… أما ثانياً، فباسيل يتظاهر بالزهد، ويعلن أنه لا يريد المشاركة… فبأي منطق يتحدّث رئيس الجمهورية.. أوَليْس هذا هو التعطيل بعينه؟
من ناحية أخرى، يطالب رئيس الجمهورية باعتماد القواعد الدستورية في تشكيل الحكومات… لكن فخامته لم يعلن أمام اللبنانيين عن ماهية هذه القواعد.
ويعترض رئيس الجمهورية على تعيين وزير للخارجية هو نفسه في منصب وزير للزراعة.. فهل هذا مستحيل…؟ ونسأل فخامته: كم من الوزراء في حكومات عهده، جمعوا بين وزارتين متناقضتين تماماً؟
كذلك يعترض الرئيس على أسماء الوزراء… ويقول بأنّ الوزراء المختارين غير مؤهّلين… والسؤال المطروح: كيف فهم رئيس الجمهورية التأهيل حسب رؤيته؟
ويُـمْعِن رئيس الجمهورية في عرقلته التشكيل، فيطالب بالمعايير والتوازن وصحّة التمثيل والإختصاص من تفسير حقيقي لكل كلمة من هذه «المصطلحات» الواردة في قاموسه.
باختصار شديد… رئيس الجمهورية يريد أمراً واحداً فقط.. يريد «الطفل المعجزة» في الحكومة… إنه «تلميذه» كما يقول، يريده في التشكيلة المقترحة، حتى ولو ذهب اللبنانيون الى جهنم…
حكومة لبنان… لن تقوم لها قائمة عند فخامة الرئيس، إلاّ إذا زيّنها «باسيل» بطلّته البهية..
ويقولون: السفراء والرئيس المكلف يعطّلون التشكيلة… وهنا يجب أن نستذكر معاً المثل المشهور: «ضربني وبكى… سبقني واشتكى».