Site icon IMLebanon

هذه خلاصة ما أبلغه عبد اللهيان للمسؤولين في لبنان

 

يمكن اعتبار زيارة وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان على انها زيارة تكريس انتصارات لدولة ذات نفوذ إقليمي واضح. دخلت في مفاوضات مع الاميركيين حول ملفها النووي، ومع المملكة السعودية صارت العلاقة أكثر ليونة من ذي قبل. حققت ايران خلال السنوات الاخيرة حضوراً في المنطقة. لا يمكن حصر زيارة عبد اللهيان بالاطار الذي يريده البعض في لبنان على انها زيارة تكريس وصاية. ففي التوصيف الكثير من المبالغة بالنظر الى موقع ايران في المنطقة اولاً وسياق الزيارة الطبيعي من دولة لدولة. فليس وزير خارجية ايران الوحيد الذي يخصص لبنان بزيارة في سياق جولة له في المنطقة وفي اعقاب تشكيل حكومة، ويتزامن ذلك مع استقدام “حزب الله” المازوت والبنزين الايراني من ايران لفك الحصار المحكم على لبنان. تسليماً بمبدأ مصالح الدول فان اي دولة تقدم الدعم للبنان انما يكون ذلك في سياق البحث عن موطئ قدم او نفوذ، وهذا ينطبق على فرنسا كما على الاميركيين والمصريين وغيرهم فما بالك بطهران. فهل ما يسري على بقية الدول لا يسري على طهران مثلاً؟

 

كرست زيارة عبد اللهيان رغبة ايران بوجود علاقة مميزة مع لبنان. ايران هي من الدول التي ترى في لبنان مدخلاً اقليمياً أسوة بغيرها. حمل الزائر الايراني رسائل ود الى المسؤولين لكنه كان لافتاً اصراره على وصف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال زيارته بعبدا بـ”الصديق” الذي قصده لـ”الاستئناس برأيه، لكونه رجلاً لعب دوراً هاماً في تاريخ لبنان المعاصر وبأنه موضع إحترام القيادة الإيرانية”.

 

بعيداً من الاعتبارات السياسية التي وقفت خلف معارضي الزيارة الا ان عبد اللهيان حمل عروضاً جدية للبنان بإنشاء معملين لتوليد الكهرباء خلال 18 شهراً، لم يفته التذكير بزيارته الى لبنان قبل سبع سنوات كمساعد لوزير الخارجية، يوم عرض على رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي تقديم الدعم بأن تبني شركة “مبنى” الإيرانية مصنعين لتوليد الكهرباء بقوة 2000 ميغاواط، وهذه الشركة الايرانية المعروفة تعادل شركة “سيمنز” الإلمانية حسب قوله، ولكن الإقتراح سقط يومها. وللمفارقة فقد عاد كوزير للخارجية فيما ميقاتي رئيساً للحكومة مجدداً، فهل سيكون لدى الحكومة جرأة التعاطي بجدية مع العرض الايراني ام ستقيّد نفسها بالعقوبات المفروضة على ايران؟ والى الكهرباء جدد الضيف الايراني عرض المساعدة في مجالات إقتصادية – إنمائية، وقال للمسؤولين صراحة: “بإمكانكم أن تتكلوا على إيران لتحقيق هدفكم بمعالجة الكهرباء”.

 

خلال جولاته على المسؤولين حرص وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان على التأكيد على عمق العلاقة مع لبنان وابداء الاستعداد للمساعدة في شتى الميادين. ولكن بعيداً من الشق المتعلق بالمساعدات التي عرضها على اهميتها، فالزيارة شق سياسي مرتبط بالتحولات التي تشهدها المنطقة والعلاقة الاميركية الايرانية. وكأن الزائر الديبلوماسي جاء حاملاً تطمينات الى مستقبل المنطقة ربطاً بملف مفاوضاته النووية مع الاميركيين، ولقاءاته مع السعوديين، وتغير المناخ العربي والدولي تجاه سوريا.

 

ولم تقتصر مشاوراته على الشأن اللبناني الداخلي بل وضع من التقاهم في اجواء المراحل التي قطعتها بلاده على مستوى اكثر من ملف خارجي. ونقلاً عن مصادر ديبلوماسية واكبته في جولاته فقد كشف عبد اللهيان في ما يتعلق بملف المفاوضات السعودية – الإيرانية أن هذه المفاوضات جرت على اربع مراحل: الجانب المخابراتي – الأمني والجانب السياسي – الأمني، متحدثاً عن أجواء إيجابية وبناءة وان بلاده توصلت مع السعوديين الى إتفاقات جيدة للغاية في بعض المجالات.

 

الرغبة من البلدين بعودة العلاقة الى طبيعتها هي الهدف ولذا تحدث عن مقدّمات وُضعت يتم السير على اساسها لتعود العلاقات الطبيعية، مبدياً تفاؤل بلاده بالنتائج واستعدادها لإنجاح الاتصالات لكن السعودية، وفق ما قال، ولإعتبارات خاصة بها تتريث حتى تنجز بعض الخطوات قبل أن تُعيد العلاقات معنا”.

 

أما عن المفاوضات مع أميركا فكشف عبد اللهيان عن انه وخلال الزيارة التي قام بها الى الولايات المتحدة الأميركية قبل أسبوعين، إجتمع خلالها مع عدد من وزراء خارجية أوروبا، وكان اللافت أن بعضهم إعترض على سياسة تصنيف “حزب الله” بالإرهابي واعتبروا أن مثل هذا التصنيف لا يدخل في صلب إرادة أوروبا بل قوة اللوبي الصهيوني. وتحدث عبد اللهيان عن سعي عدد من المسؤولين الاميركيين للاجتماع به خلال وجوده في نيويورك، لكن لم يلتق أياً منهم بل اجتمع بأشخاص كانوا مسؤولين في الإدارة الأميركية سابقاً في إطار لقاءات ذات طابع حزبي، وتركز البحث حول الملف النووي السلمي الإيراني والملف الأفغاني. شارحاً كيف ان الاميركيين الذين يدركون تأثير إيران في أفغانستان التي تستضيف أكثر من 4 ملايين لاجئ أفغاني، يشعرون بالفشل في أفغانستان وينتقدون تعاطي المبعوث الأميركي الخاص زلماي خليل زاده الذي يدّعي السيطرة على الملف.

 

كما أكد رئيس الديبلوماسية الايرانية ان بلاده ستعود “الى المفاوضات النووية قريباً ولكن ليس قبل أن تحصل صراحةً على تعهد بإلتزام جميع الأطراف بالإتفاق خصوصاً الدول الأوروبية المعنيّة”.

 

على مدى يومين عرض عبد اللهيان الخطوط العريضة لمستقبل بلاده في المنطقة وتصور العلاقة مع لبنان، وكأنه حضر مطمئناً فهل يتلقف لبنان المبادرة فيستفيد من السخاء الايراني ام يطوي صفحة الزيارة وكأنها لم تكن؟