IMLebanon

الاستقلال الهجينْ!! 

 

سمّوه الاستقلال الحزين.

واليوم يسمونه الاستقلال الهجين.

يوم لفَّهُ الحزن، كان بسبب اغتيال رئيس جمهورية الطائف رينه معوض.

وهكذا أضفوا عليه الحزن.

وسمّوه الاستقلال الحزين.

يومئذ، كان الرئيس سليمان فرنجيه، يتناول الغداء في زغرتا.

إلاّ أن الرئيس معوض حزم حقائبه، واتصل من اهدن بالرئيس فرنجيه مودعاً، وبادره بأنه متوجه الى بيروت.

إلاّ أن الرئيس السابق للجمهورية، تمنّى عليه البقاء في اهدن، ودعوة من يريد اللقاء بهم، الى عروس مصايف الشمال.

قرر الرئيس معوض، الذهاب الى المقر الرئاسي المؤقت، ويوم ٢٢ تشرين الثاني، قصد القصر الحكومي المحاذي لوزارة الاعلام، وتقبّل فيه التهاني بعيد الاستقلال، مع الرئيسين حسين الحسيني وسليم الحص.

واعتبر وجوده مع رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، مظهراً من مظاهر السيادة.

في طريق العودة الى المقر الرئاسي المؤقت، وقعت جريمة الاغتيال في مواجهة عائشة بكار.

رحل الرئيس رينه معوض، ولم ترحل عن البلاد قصة الاغتيال.

والآن، وبعد قرابة ربع قرن، تتحول الذكرى من استقلال حزين الى استقلال هجين.

***

بعد اغتيال رينه معوض، وقعت في البلاد مجموعة اغتيالات شملت قادة بارزين، لكن الموت كان الأدهى والأصعب.

بيد أن الجريمة الكبرى اكتملت فصولاً باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

أليس في لبنان جريمة، أكبر من اغتيال رئيس الجمهورية، حامل اتفاق الطائف.

وهو المعروف بوداعته ودماثته واللباقة.

وهل أفدح من تلك المصيبة، ان الطائف، من بعده يترنّح بين التنفيذ واللاتنفيذ!

رحل رينه معوض، ورحل معه اتفاق المصالحة الوطنية، وبقي من دون اكتمال.

هل كانت تجزئته جزءاً من جعله اتفاقاً من دون نصاب قانوني.

كان اغتيال رئيس الجمهورية واغتيال رئيس مجلس الوزراء، اغتيالاً للبنان، أكثر منه ضرباً من ضروب تحطيم الوطن، على أمل القضاء عليه، سيادة واستقلالاً!

اغتيل الزعيم الوطني رشيد كرامي، وهو في الطريق من العاصمة الثانية الى العاصمة الأولى، للتوقيع على اتفاق سلام، في ميدان سباق الخيل، مع الرئيس كميل شمعون.

هل اغتالوا الزعيم الطرابلسي، لأنهم كانوا يخططون، لاغتياله، بغية اغتيال اتفاق المصالحة بين اللبنانيين.

من هو هذا المايسترو الذي يعزف على آلة الموت، ويضبط حركات يديه، لاستمرار العزف، من أجل دمار لبنان.

هل لهذه الأسباب، يسمّون عيد الاستقلال ب الاستقلال الهجينْ.

***

منذ الاستقلال في العام ١٩٤٣، والناس، في صراع طويل، على رئاسة قوية أو ضعيفة.

ربما، يكون الأمر كذلك.

لكن زعماء البلاد، كانت تحدوهم الى ذلك، ارادة واحدة: انجاز الاستقلال، لا تكرار الاستقلال الحزين.

كان الأستاذ الكبير اميل خوري، في العام ١٩٥٩، ينادي بأن الاستقلال حرية ونزاهة وصرامة.

سئل يومئذ عما يقصده بثلاثيته، فأجاب: أن ينعم الحاكم والمواطن بالحرية.

وأن يكون المسؤول نزيهاً، والمواطن نزيهاً.

وأن يتم تنفيذ القانون بصرامة.