IMLebanon

أنا لبناني جبان

 

 

اليوم السبت ٢ كانون الاول عام ٢٠١٧ اعترف انا كاتب هذه الكلمات في جريدة اللواء الغراء، أنني لا أستطيع كتابة ما يجب كتابته لأنني جبان وعاجز عن إنصاف أناس كرام لم يسيئوا لأي إنسان في لبنان، أناس جعلوا الفقراء أغنياء بالعلم والثروة، وحملوا الكثيرين إلى الدولة والإدارة والأمن والقضاء والسفارات وإلى القطاع الخاص، وتمادوا في كرمهم حتى أصبحوا وحدهم الفقراء والآخرين سادة وأغنياء ولم يحفظوا الودّ والعشرة والثقة والتقدير والاحترام.

انا أنتمي الى حزب الجبناء، أكبر احزاب لبنان من اتباع الشيطان الاخرس الساكت عن الحق وعن الظلم وعن الغدر وعن التزوير والادعاء. ونحن أعجز من ان نردع تلك القلوب الكارهة للسكينة والامان، ورغباتها العميقة بالتمتع بالفتنة والضياع والخراب. نعم انا من حزب الجبناء في لبنان، وعلى خصومة قديمة مع كل أحزاب الشجعان الملوثة أيديهم بدماء الأبرياء والممتلئة قلوبهم بالحقد والرياء. انا من حزب الجبناء الذين إذا جنحوا للسلم نجنح لها لأن الفتنة أشد من القتل، ونريد العيش بسلام في دولة الحقوق والواجبات مهما طال الانتظار.

انا لبناني جبان أحب الاطفال والفقراء، واحترم النساء، وأحنّ الى الحقول والمراعي والارياف. واختبئ داخل احترام الذات حتى حدود الفقر في وطن المجرمين الشجعان الأغنياء. وانا لبناني جبان اخاف ان اكون طائفي او مذهبي وقاطع لأرزاق الطائفيّين الشجعان، وأكون كبير الجبناء امام الغدر وقطع الارزاق.

احبائي أطفال لبنان، انا جدّكم الجبان القادم من الجبال الشمّاء المليئة بالناس والتاريخ والحكايات. وانا العاشق لبيروت حاضنة الإنسان منذ مئات الأعوام ومن كل مكان، بيروت المحبّة والمودّة والوداعة التي تفوّقت على كلّ خطوط التماس والأحقاد وعلى الغزاة والبغاة في الحرب والنزاع وتحت الاحتلال والوصاية والاغتيالات. وبقيت بيروت مدينة السلام والسكينة والانسياب والتسامح والنسيان. فأين الأخ فلان وأين ابو فلان والرفيق فلان والعدو فلان؟ كلّهم ذهبوا وبقيت بيروت الحبيبة وأمثالي الجبناء.

انا جبان وتعلمت بالفطرة ان الله هو الأقرب للانسان ويجيب دعوة الداعي، وتعلمت معنى العَيْب والخجل، وأن لا اعترض على قضاء الله بالعوز والغدر والمرض. وتعلمت ايضاً ان الضحيّة دائما أشرف من الجلاّد. انا جبان واعترف بأني فشلت في ان اكون سفّاح كالأبطال الشجعان. نعم فشلت في كل الامتحانات الخطيّة والشفهيّة والالكترونية والواقعية والافتراضية، لأنّ النجاح كان يستدعي ان تكون بلا روادع او قلب او مشاعر. فالقاتل وحش داخل وحش، وسيان أكان القتل بالرصاص او بالحبر او بالهمس او بما تشاء، لأنّ القتل هو القتل وانا جبان.

أحبّائي الجبناء في الجبال والشمال والجنوب وبيروت والبقاع، هنيئاً لكم لأنكم لم تغدروا الطيّبين البسطاء الكرماء ولم تسرقوا من الآخرين آباءهم وتضحياتهم ولم تسرقوا دماء الشهداء لأنكم تخافون الله.

ويشرفني أن أكون واحداً منكم وانا لبناني جبان ورزقي على الله ايها الحاقدون الشجعان!