IMLebanon

أنا أحمد…

أحمد شرطي فرنسي قُتِل يوم مجزرة “شارلي ايبدو”، قُتِل بذريعة الانتقام للنبيّ، وكان قتَلَته يهتفون “ألله أكبر”. لم يفهم مَن يقتل باسم الدين، كم إنّ هذه الوحشية يمكن ان تكون سخيفة ومسيئة الى الدين. هم يقتلون باسم الدين أناساً هم ربما أصدق إيماناً منهم بالنبيّ وبالإسلام.

أنا أحمد، لأنّ رمزية أحمد تكمن في قدرته على التأكيد أنّ إنهاء حياة انسان أمر لا يمكن عقلاً استيعابه او قبوله، ولا منطقاً تبريره، لأنه قُتل باسم الدين الذي هو من القتل والقتلة براء.

“أنا شارلي… أنا شارلي”، يعني أنا مع حرية التعبير والصحافة، تحت سقف القانون طبعاً. و”أنا شارلي” يعني انني ضد قتل أي صحافي أو كاتب أو مفكر، لأن أفكاره مختلفة عن افكاري، حتى لو كانت تستفزّني وأعارضها بشدة. من هنا، من هذا المنطلق، أنا شارلي. لكن، في لبنان، يعترض البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على عبارة “أنا شارلي”، لأنهم رأوا فيها تأييداً للسخرية والتهكّم والتعرّض لرموز دينية. وهنا مكمن الجهل، وضيق الأفق. فـ “شارلي ايبدو” كانت سخرت بالصورة الكاريكاتورية من رئيس جمهورية فرنسا فرنسوا هولاند، وأظهرته بطريقة استفزازية . لكنّ هولاند كان أول الواقفين دفاعاً عنها، كما كان الفاتيكان اول المستنكرين رغم أنّه لم يسلم من رسوم المجلّة التي طالت الكنيسة ورجال الدين المسيحيين… والجميع سار استنكاراً للجريمة ودعماً ، وهذا ينقض المنطق السائد لدى بعض اللبنانيين.

فهل قرأ هؤلاء يوماً القول إنّني مستعدّ للخلاف في الرأي معك، لكنّني مستعدّ للتضحية بنفسي دفاعاً عن حقّك في إبداء الرأي؟

ربما لو كنّا نفكر هكذا لوفّرنا على أنفسنا الكثير من الصراعات والحروب. هذا هو الفارق بين التمدن والجهل، وهذا ما يدفعنا الى الدفاع عن حرية مَن لا يشبهنا، أو يفكر مثلنا، اذا ما تعرّض للظلم والاعتداء.

لكل بيئة طريقتها في التفكير، وما يصدمنا لا يصدم غيرنا، وهاتان هما الديموقراطية وحرية التعبير.

التعبير عن اعتراضنا على رسوم “شارلي” هو نوع من أنواع حرية التعبير. وهذا الحق هو ما ندافع عنه عندما نقول “أنا شارلي”، لأن واجب كل إنسان أن يثور ضد الظلم! أن يكتب البعض: لا نقبل رسوم شارلي”، فهذه حرية تعبير ندافع عنها كي يكتب كلّ منا ما يشاءه، واذا اعترض احد فيمكن ان يقدّم دعوى بوسائل قانونية، او يعترض بحضارة. اما ان يجاهر البعض بقول “لست شارلي” ويؤيد الجريمة فهذا هو التخلّف في حد ذاته!