في صدرنا مخاوف كثيرة مما يتعرّض له زميلنا وأستاذنا مارسيل غانم، مارسيل ذاك المقدام الذي واجه الدولة الأمنية في زمن الاحتلال السوري وهرّب حلقة معك في حقيبة طفل، مارسيل هذا المناضل الكبير، هل يستحقّ هذه المعاملة، وفي عهدك أنت يا فخامة الرئيس؟! أنا شخصيّاً لا أصدّق ولا أريد أن أصدّق!
في عهدك فخامة الرئيس كلّنا تحت القانون، وكلّنا أبناؤك، لأننا أبناء الحريّة ونعرف حدودها ومسؤولياتها وما يترتّب عليها، بالأمس تحدّث وزير خارجيّة حكومتك في عشاء ميلادي في البترون ـ تنعاد على فخامتك كلّ الأعياد بالصحة وطول العمر ـ فأكّد وزير الخارجيّة أن «لا خوف على حرّيّة الإعلام طالما الحقيقة هي التي تحكم في النتيجة»! تمنيّتُ لو قال «طالما العدالة تحكم في النتيجة»، من يستطيع أن يدّعي أنّ «الحقيقة» هي التي تحكم، الحقيقة هي مجموعة أمور نسبيّة يا فخامة الرئيس، وكلّنا ثقةً بعدلك وبالعدالة في عهدك.
وبصدق شديد، لم يتصوّر واحد من هذا الجنس الإعلامي ـ غير المحبّ لبعضه للأسف ـ أنّ الأمور قد تصل إلى حدّ إصدار مذكّرة إحضار بحقّ الزميل الإعلامي القدير مارسيل غانم، ليمثل أمام القضاء لماذا؟ ما الجريمة التي ارتكبها مرسيل غانم حتى يُساق بهذه الطريق إلى القضاء، ففي الحلقة الشهيرة التي أشعلت فتيل تحرّك القضاء والتي عرضت مساء الخميس 9 تشرين الثاني 2017 أطلّت فيها مجموعة ضيوف ـ تم إختيار الضيوف الأجانب منهم من قبل إدارة محطة LBCI وبصفتهم إعلاميين أو محللين سياسيين، وهم: الكاتب والمحلل السياسي الإيراني حسن هاني زادا من طهران، والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط روان صاغية من واشنطن، وعدنان الأحمدي من لندن والمحلل السعودي ابراهيم آل مرعي من الرياض، بالإضافة إلى نائب رئيس مجلس النواب السابق الأستاذ إيلي الفرزلي الذي كان حاضراً شخصياً في الأستديو…
هكذا يجري التوك شو السياسي مجموعة ضيوف في حلقة يعرض فيها كلّ ضيف رأيه في المسألة المطروحة، غالباً قد يتشاجرون ويختصمون على الهواء وأحياناً يقذعون القول لبعضهم بعضاً، ويظلّ المحاور هادئاً يمارس دوره فهو «المايسترو» الناظم لكلّ الآراء في مهمة شاقّة هي ضبط الحوار.. أمّا الذين يدّعون أن مارسيل غانم، لم يردّ الإساءة التي طالت رئيس البلاد والدولة اللبنانية، فنتساءل أليست هذه وظيفة الضيف الذي يمثّل لبنان في الحلقة وهو نائب الرئيس السابق إيلي الفرزلي، وقد ردّ وزاد، مثلما ردّ زميلنا على المحلل السعودي ابراهيم آل مرعي ـ كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية، اعتبر فيها أنّ «صمتهم وعدم إدانتهم لممارسات حزب الله يجعلهم شركاء في الإرهاب وفي «الحرب على المملكة العربية السعودية التي ضربت الرياض ومكة المكرمة «، لم يسكت مارسيل غانم ردّ على المحلّل السعودي بأنّ ما يقوله «كلام كبير يرقى إلى مستوى التهديد»، فأيّ ردّ أقوى مما قاله مارسيل؟!
بربّكم، ما الذي كان سيقوله محلّل سعودي يتحدث من الرياض غير ترديد تغريدات «تهديدات» تامر السبهان الذي اختفى عن الأنظار بعد تلقّيه توبيخ أميركي شديد لسياسته التآمريّة على لبنان، ولا ينسى لبناني واحد لفخامتكم إخراجك الرئيس سعد الحريري من سجن الإقامة الجبريّة في الرّياض إلى فرنسا، وأعدته معزّزاً مكرّماً على رأس وزارته، فخامة الرئيس؛ حضرة العماد شعرنا أننا انتصرنا انتصاراً كبيراً، وأسقطنا مؤامرة كانت تريد أن تلقي بنا في أتون المنطقة، انتصرنا بفضل حكمتك وبعد نظرك وقيادتك الدقيقة والحريصة للمرحلة، انتصرنا في التعامل مع قضية غير مسبوقة في التاريخ عتاة الديكتاتوريّة لم يقوموا باحتجاز رئيس حكومة بلد آخر، فلا تسمح لهم اليم أن يحوّلوا هذا الانتصار إلى هزيمة عندما يبدأون بالتباهي بمحاكمة مارسيل غانم بسبب هذه الحلقة، لا تمنح فرصة لإعلام تامر السبهان ليفسد علينا انتصارنا الكبير عليهم.
فخامة الرئيس، من المؤسف أصدر قرار «إحضار» زميلنا وأستاذنا مارسيل غانم بأسلوب لا يليق بلبنان ولا بمارسيل بعد أربعين عاماً في مهنة هي حقل ألغام مخفيّة، فخامة الرئيس مرسيل غانم يستحقّ التكريم لا المحاكمة، وهو لم يخطىء عندما طلب اتباع الإجراءات القانونيّة…
لا أخفيك فخامة الرئيس ما يتردّد في كواليسنا عن نوايا لتوقيف زميلنا مارسيل غانم ولو ليومين لـ»تكسير رأسه»، أنا لا أصدّق أبداً أنّ عهدك وعدالتك تريد أو تغضّ النظر عن هكذا تسريبات.. فخامة الرئيس «يا بيْ الكلّ» لا تقبل أن يكون الإعلاميّون في عهدك خائفون وعيونهم وقلوبهم مع زميلهم الكبير مارسيل غانم، وفي نفس الوقت خائفين على أنفسهم.
فخامة الرئيس أتمنّى أن لا نصل إلى لحظة نشعر فيها أنّ أستاذنا مارسيل غانم وهو وجه الإعلام اللبناني الحرّ قد أصبح مكسر عصا، هذه اللحظة لن تكون في مصلحة الجميع.. والسلام.