طلب مني البعض أن أوضح مقصدي في ما كتبت الاسبوع الماضي، وأعتذر لأنني انتقدت “طلعت ريحتكم”، بعدما انهالت عليّ الشتائم والانتقادات فقط لأنني صاحبة وجهة نظر مختلفة تقول إن التظاهرات لن تغير شيئاً سوى تحميل البلاد مزيداً من التوتر والانقسام.
وتحول مقالي الأخير فرصة للبعض لتفجير أحقادهم وأحكامهم المسبقة ومخاطبتي بعبارات تسيء الى أصحابها، وهذا ما جعلني أميّز بين مكونات الحراك في الشارع:
المكون الأول: أناس حاقدون لا يهمّهم سوى الفوضى والخراب والعودة الى زمن الحرب، ولا يدركون من التغيير الديموقراطي شيئاً، إذ لا يمكن أشخاصاً يدعون الى التغيير والديموقراطية أن يكونوا ديكتاتوريين الى هذا الحد في رفضهم الآخر وعدم احترام رأيه المختلف معهم. فماذا يكون الفارق بينهم وبين الطبقة الحاكمة الفاسدة التي يحاربونها؟
المكون الثاني: عدد من الشيوعيين والناشطين في اليسار يريدون ان يحولوا لبنان ربما الى ما كان عليه الاتحاد السوفياتي الذي انفرط عقده، وقد أدخلوا المأكولات الى “الزيتونة باي” كأنهم بذلك يحاربون الرأسمالية في العالم، وهم يسيئون فعلاً الى صورة لبنان السياحية.
المكون الثالث: بعض الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدد من اصحاب المواقع الالكترونية الذين يبحثون عن دور. هؤلاء يجدون ضالتهم في الحملات لكي يروّجوا لأنفسهم ويزيدوا أسعارهم.
المكون الرابع: المواطن المظلوم الذي يدفع ثمن سوء الادارة منذ زمن، فيعيش في النفايات وبلا أدنى مقومات العيش، وهو يشمئز من طبقة سياسية مددت لنفسها وأدخلت البلاد في فراغ وتعطيل! وهذا المواطن ينطلق في اعتراضه من قرف نشاركه كلنا فيه.
ولكن هل يعلم هذا المواطن المقهور أن وجعه يفيد جهات ليست واضحة الرؤية والأفكار والبرامج، والأكثر خطورة استغلال الناس لاقتحام مجلس النواب والسرايا ومباني الوزارات، وهي أمور لم تحصل حتى في حرب الآخرين على أرضنا زمن منطق الميليشيات؟ فماذا بعد اقتحام المجلس؟ وماذا بعد الانقلاب؟ ومن سيدير البلاد؟ وما البديل؟ وما الضمانات ألا نتحول عراقاً ثانياً او سوريا ثانية؟ ألم تكن المطالب محقة بداية في تونس وسوريا، وتحولت ساحاتها الى دماء وتهجير؟ فإلى كل من أزعجه منطق انه يجب عدم إضعاف ما تبقى من الدولة، وعدم المسّ بالاستقرار. ولكل من يلعب على أوجاع الناس ويستغلها، أقول أعتذر، وأعتذر جداً لأنني لا أثق بما أراه في هذا التحرك ولا يمكن أن أراهن على مستقبلي معه. ومن حقي مع كثيرين التعبير عن آرائنا من دون تردّد أو ترهيب.