السياسية في المبدأ هي علم وفن خدمة الوطن. هي علم أولاً من حيث التعمق في دراسة حاجات المجتمع في مختلف نواحي الحياة في حاضره وفي مستقبل أجياله الآتية. وفي اعداد الخطط لتلبية تلك الحاجات. وفي اقامة بنيان للدولة على أسس صلبة وراسخة ومتينة، وتعتمد نظاماً يجعل من اداراتها ومؤسساتها الدستورية قادرة وفعالة في التنفيذ. ومن ناحية ثانية، هي فن في القيادة، والريادة في ابتكار الافكار لخدمة المجتمع، وتحصين الوحدة الوطنية، والتواصل بين مكونات الوطن وكياناته السياسية، والقدرة على ايجاد الحلول للمشاكل، وتوظيف التنوع في سبيل التقدم، والحنكة في استثمار الاختلاف، وتدوير الزوايا عند الخلاف، تجنباً للتصادم، وتحصيناً للوطن.
اذا كانت السياسة بهذه المواصفات – وهي كذلك – فليس في لبنان سياسة، بل سياسيون فقط! ولكل منهم سياسته الخاصة به في اطار تكتل أو حزب أو جبهة أو تكوين ينتمي اليه… ولكن هناك استثناءات عديدة، وان تكن معدودة، ويمكن تعدادها على أصابع اليد الواحدة! ومشكلة الوطن مع غالبية من السياسيين في لبنان أنهم لا يحسنون الفصل أو التمييز بين مواقفهم السياسية ومصلحة الوطن. الرئيس نبيه بري يقدم اليوم، وقدم سابقاً على امتداد مسيرته السياسية وبخاصة في توليه رئاسة السلطة التشريعية، نموذجاً في القيادة، وفي التوفيق بين موقفه السياسي والمصلحة الوطنية التي تقتضي التواصل، والوصل بين مختلف مكونات الوطن، مع المراعاة الصارمة لقواعد الميثاقية.
احترمت المكونات السياسية في لبنان نهج الرئيس بري، الا انها لم تقدم على خطوات جريئة للتمثل به. ولم تكن قامة نبيه بري في الداخل أقل مما هي عليه في الخارج. وقد عاد من جنيف بعد اطلالة في كلمة في الاتحاد البرلماني الدولي أظهرت الحكمة والرؤية والحنكة، عن أوضاع المنطقة. وعاد أيضاً باجماع يعكس مكانته في الخارج بانتخابه رئيساً للاتحاد البرلماني العربي للمرة الثانية. ومع ذلك فقد كان أول ما فعله هو التوسل للنواب لحضور جلسة تشريع الضرورة حتى لا يضطر لبنان الى التسوّل مستقبلاً، بعد تحذيرات متكررة من المرجعيات المعنية في ا لخارج، من حذف لبنان من قائمة الرعاية أو الاهتمام! وأية سياسة هي تلك التي تقود الى تفكيك الدولة والى موت بطيء للناس، اذا تعذر انتخاب رئيس للجمهورية؟!
شيء في القلب وشيء من القلب
البرامج الصباحية في الاذاعات المحلية هي الرفيق الأنيس للسائقين في توجههم الى أعمالهم، في رحلة قد تطول أو تقصر بحسب عجقة السير! ولكل برنامج نكهته الخاصة، ومنها الظريف ومنها الخفيف، ومنها الحكواتي، ومنها النرجسي، وذلك بحسب مقدمي البرامج! غير أن البرنامج الصباحي في جرس سكوب يتميز من بينها بذكاء اللقطة، والسخرية الضاحكة، والنبرة السلسة التي تدخل الى قلوب السامعين، ولكن تُبقي الهمّ خارجها، وتمسح جبين المستمع وأذنيه وروحه بنسيم من التفاؤل رغم الظروف الثقيلة! شكراً جرس سكوب.