فسّر بعضهم امس، قول الرئيس سعد الحريري انه باق في بيروت هذه المرة، لمدة طويلة بأنه سيبقى الى ما بعد الثاني من اذار، المقبل الموعد المحدد لجلسة اضافية من جلسات انتخاب رئيس للجمهورية.
ويقول البعض ان رئيس الحكومة الاسبق سينزل الى الجلسة بعد ان يكون قد اجرى الاتصالات اللازمة، في ما تبقى من ايام تفصلنا عن موعدها، دعما لمرشحه الذي اعلن وكرر «الالتزام» به وهو النائب سليمان فرنجية. وهو باشر امس بالذات هذه الاتصالات بزيارة قام بها الى الصيفي، مقر البيت المركزي الكتائبي حيث التقى رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل وبحثا في الاستحقاق. وقالت اوساط كتائبية عليمة ومقربة ان الجميل ثمّـن الزيارة وقدرها كثيرا، الا انه لم يوافق (بعد) على «المشي» بفرنجية كما انه في المقابل لا يمشي بالعماد ميشال عون.
وفي المطلق لقد حرّك سعد الحريري الركود المهيمن على صفحة بركة الاستحقاق الرئاسي. ولا شك في انه اوجد حيوية ما ضخ حرارة مرتفعة نسبيا في هذا الاستحقاق الذي من المتعذر التحدث اليوم، عما اذا كانت الجلسة الانتخابية الاتية بعد نحو اسبوعين ستوصل البلد الى الخاتمة السعيدة المرجوة فينزاح عن قصر بعبدا الفراغ ليحل محله رئيس تاقت اليه البلاد منذ ما يقارب السنتين.
وليس سرّا ان ما حملته مواقع التواصل الاجتماعي من حملة من جمهور القوات اللبنانية منذ ليل الاحد وعلى امتداد يوم امس الاثنين على خلفية الكلام الذي وجهه الرئيس الحريري الى الدكتور سمير جعجع، لا شك في انه استنفر قيادة تيار المستقبل فصدر توضيح للكلام وهو ما عاد الحريري فأوضحه بدوره شخصيا … لان ما حملته مواقع التواصل جاء متناقضا مع حرارة اللقاء المباشر في قاعة البيال، بين زعيمي الطرفين.
ويتجه الاهتمام الى ما سيقوله سماحة السيد حسن نصر الله اليوم لمعرفة الى اي مدى سيكون رده على ما قاله الرئيس سعد الحريري في خطاب البيال ولمعرفة تأثير ذلك كله على مسار الترشيحات الرئاسية وبالذات بالنسبة الى النائب فرنجية الذي يحظى بفرصة بارزة كونه مرشحا من قبل القيادة السنية الاولى والاكبر في لبنان، والذي في الوقت ذاته يعلن انتماءه الى فريق 8 اذار وبالذات الى حزب الله وسوريا.
واذا كانت هذه المؤشرات المتوافرة تشي بصعوبة الحلحلة لجهة تأمين النصاب فإن المراقبين يجزمون بأنه ما لم تسفر مجريات الاحداث في سوريا عن تطور بارز، فمن المستبعد اجراء الانتخابات الرئاسية في الثاني من اذار المقبل.
وفي اي حال فقد كان لافتا العناق الحار بين الشيخ سعد والدكتور جعجع الذي حظي بتصفيق ملحوظ من جمهور البيال … وان كان المشهد على المنصة في ما بعد الخطاب، لم يعكس ذلك المشهد.
ولقد استعدنا امام حرارة اللقاء وتبادل العناق الحار، ما سبق للرئيس الراحل المرحوم صائب بك سلام ان كان يقوله اثر اعلان اي هدنة في الحرب اللبنانية المشؤومة… يومها كان اللبنانيون (على ضفتي القتال والخنادق والمتاريس) يغتنمون الهدنة وإِنْ هشة ومحدودة ليتدفقوا عبر خطوط التماس من شرق العاصمة وغربها ليلتقوا بالاحضان… كان رحمه الله يقول: «اخاف عليهم الاختناق من شدة العناق» تأكيدا على شعاره الآخر الاثير: لبنان واحد لا لبنانان، ولان اللبنانيين يرفضون كل ما يفرق بينهم.