اجتماع مع كنعان في السرايا… والتباسات بين الدستور والقوانين والأعراف
يبدو ان الكثير من مشاريع الحكومة وإجراءاتها بات عرضة للتأجيل او التعديل نتيجة اختلاف المقاربات بين اركانها وبينهم وبين القوى السياسية، ونتيجة التباسات في تطبيق القوانين او الاعراف التي سبق وسارت عليها حكومات سابقة، ومنها عرف التعيينات الادارية والقضائية، الذي اختلط مفهومها مع طريقة التعيينات المصرفية والمالية الاخيرة التابعة لمصرف لبنان المركزي واخواته.
وتتجه الحكومة بناء على قرار رئيسها حسان دياب الى إعداد مشرع قانون لتعديل قانون النقد والتسليف، الذي يرعى تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الاسواق المالية وكل ما يتعلق بعملها، وبهدف خفض عدد اعضاء نواب الحاكم، بعدما المح الى ذلك الرئيس دياب في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء، مشيراً ايضاً الى رواتبهم المرتفعة. وقد كلفت الحكومة وزيرة العدل ماري كلود نجم إعداد مشروع قانون بالتعديلات المطلوبة لقانون النقد والتسليف، لأن تعيينات الهيئات المصرفية والنقدية لا تخضع لآلية تعيين موظفي الفئة الاولى في الدولة. بحيث ان القانون الساري يُجيز لوزير المال اقتراح اسم واحد للتعيين وليس اقتراح ثلاثة او اربع اسماء للمنصب ليتم الاختيار بينهم. علماً انه تم تشكيل لجنة وزارية نهاية الاسبوع الماضي لدرس مشروع التعديلات بعد إنجازه من قبل وزيرة العدل.
وذكرت مصادرحكومية ان اجتماعا عقد مساء السبت في السرايا الحكومية، بين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان والوزراء المختصين، للبحث في تعديل القانون، للاستماع الى وجهة نظر كنعان ومقترحاته في هذا الصدد. لكن المشكلة تبقى في كيفية درس المشروع في المجلس النيابي، الذي يحول انتشار فيروس كورونا دون انعقاد جلساته التشريعية حضورياً في مبنى مجلس النواب، وتحول اسباب تقنية دون التئامه الكترونياً. لكن ثمة فكرة يجري درسها بعقد جلسة في قاعة كبيرة بعد توفير كل اسباب الشروط الصحية والوقائية لتمكين النواب من الحضور.
وسيعود مجلس الوزراء في جلسته غدا الثلاثاء، الى البحث في الاوضاع المالية والنقدية المصرفية، وهو البند الوحيد المطروح، الى جانب التطرق الى مستجدات مواجهة مرض كورونا ومسار إعادة المغتربين الراغبين من الخارج.
ولكن بما ان آلية التعيينات المصرفية والمالية غير منجزة، ثمة رأي يقول بوضع آليات جديدة للتعيينات، فإن مصادر رسمية تقول: ان التعيينات لم ولن تتوقف، هي تأجلت ولم تلغَ، لكن بالنسبة للتعيينات الاخرى، الدستور ينص على كيفية تعيين موظفي الفئة الاولى او ما يعادلها، وينص على ان الوزراء هم رأس اداراتهم، بما يعني ان الاقتراح يعود لهم. وبالتالي لسنا بحاجة الى قانون لوضع آلية للتعيين. فالدستور هو القانون. وسبق ان ابطل المجلس الدستوري محاولات من هذا النوع. ومجلس الوزراء ليس بحاجة الى قرار ليضع آلية للتعيينات.
وتابعت: في الماضي عندما كان الوزير محمد فنيش وزيرا للتنمية الادارية، وضع مجلس الوزراء توصية وليس قراراً، يمكن الاخذ بها ويمكن عدم عدم الاخذ بها. المهم العودة الى الدستور. لذلك نقول ان التعيينات ستحصل وسيلمسها الناس خلال الايام المقبلة، ولو جرت محاولات لتمييعها او عدم الاخذ بها، فإلى متى سنبقى بلا تعيين لجنة الرقابة على المصارف او نواب حاكم المصرف المركزي؟.
واشارت المصادر الى محاولات خفض عدد نواب الحاكم الى نائب واحد او نائبين وتعديل نصوص قانون لجنة الرقابة وهيئة الاسواق المالية. وقالت: هذه محاولات، لكنها محكومة بالتوازات القائمة في البلد والتي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.
وحول الاشكالات التي اثيرت حول انشاء سد بسري، اضافت المصادر: ان مشروع سد بسري يحكمه وجود قرض اميركي بقيمة 400 مليون دولار، ولو لم تتخذ الحكومة القرار بالمضي في المشروع لأصبح القرض في خبر كان، او على الاقل لوضعت حوله علامات استفهام. لأنه تم تجاوز كل المهل المتعلقة بالمشروع. لكن المعارضات القائمة من خارج ومن داخل الحكومة حاولت تعرية الحكومة من استقلاليتها ومن صفة الاختصاص، وهذا ليس تصرفاً مسؤولاً ممن يرغب ان ينضوي في مشروع الدولة. قد يتم تجاوز الكثير من الامور ومنها المحاصصة، لكن لا نذهب الى حد وقف التعيينات. نحن نتجاوز افخاخ التعيين ونذهب الى الافضل، والاساس هو الاتيان بالافضل وليس بالمحاصصة.
واكدت المصادر «الحكومة تعمل، والتعيينات حاصلة، المالية والنقدية والادارية العامة، وكذلك المناقلات القضائية، ويمكن ان يتم تصحيح اي خلل او إجراء مقاربات اخرى، ولكن لن يتم تأجيلها الى اجل غير مسمى. وان تماسك الحكومة يأتي اولا،ً لكن تماسكها على استقلاليتها وتكنوقراطيتها لا على اساس المحاصصة. وان النهج المتبع سيُثبت لاحقاً استقلالية الحكومة».