IMLebanon

كنعان وخليل نموذجان للإنكار النيابي

 

 

نماذج عديدة للإنكار النيابي الذي بلغ حداً، لم يحصل من قبل في الاداء النيابي والسياسي من بينها النموذج  الاول، اعلان رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان امام وفد من المخاتير التقاه مؤخراً، أنه بصدد إعداد مشروع قانون معجل مكرر، يتضمن تخفيف الرسوم الباهظة عن كاهل المواطنين لقاء إجراء المعاملات الرسمية، لان «الناس ليست مكسر عصا» حسب قوله، والثاني قول النائب علي حسن خليل مؤخرا، انه و«مجموعته السياسية كانت تتحفظ وتحذر من السياسات المالية لحكومة حسان دياب، ومعترفا  بأن سياسة الدعم الحكومي، خسَّرت الدولة مبلغ خمسة عشر مليار دولار»، ومكررا مقولته السابقة بأن «ودائع المواطنين مقدسة، ولن نسمح المساس بها».

بالنسبة لنموذج النائب كنعان،  الذي تناسى بسرعة قياسية،  كل ما أدلى به من تصريحات براقة ،عقب كل جلسة للجنة المال النيابية،  خلال دراستها للمشروع واطلاقه سلسلة  مواقف بطولية، وتباهيه المفرط بالتعديلات الجذرية التي أجرتها اللجنة على العديد من مواد مشروع قانون الموازنة وخصوصا ما يتعلق بتخفيض الرسوم والضرائب التي ستثقل كاهل المواطنين في هذه الضائقة الاقتصادية والمعيشية الضاغطة على الجميع، كما وردت في مشروع الحكومة، واستفاق بعد ايام معدودة من المباشرة بوضع  مفاعيل قانون الموازنة الجديد ، حيز التنفيذ العملي، بأن  الرسوم التي تضمنتها الموازنة، لاجراء معاملات المواطنين باهظة وتتطلب إجراءات سريعة لتعديلها.

 

كيف يوفق النائب كنعان بين ادعاءاته، بأنه ولجنة المال، شذّب مشروع قانون الموازنة، وصححه، وخفف نسب الرسوم والضرائب المفروضة ، واعلان عزمه على تقديم مشروع قانون لتخفيض الرسوم الباهظة فيه بعد صدوره؟

لا شك أن  تصرف النائب كنعان هذا، يعبر عن التناقض الفاضح والازدواجية بالأداء والممارسة، ويفضح  الأداء النيابي والسياسي الفاشل لمعظم المجلس النيابي الحالي، والاستخفاف الفاضح بعقول اللبنانيين، والاستهتار بمصالحهم، في ظل التحلل السياسي الحاصل وغياب المساءلة والمحاسبة الشعبية للنواب المنتخبين والطاقم السياسي المسيطر على السلطة وخارجها، وهو ما اوصل لبنان الى حال الانهيار الحاصل على كل المستويات.

وبالنسبة للنموذج الثاني، النائب علي حسن خليل الذي حاول عبثاً، غسل ايدي فريقه السياسي من سياسات الحكومات السابقة المالية الفاشلة، وتبرئتها من كارثة الانهيار المالي والاقتصادي وإلقاء المسؤولية كاملة على سياسات حكومة حسان دياب المالية، لم يكن موفقا فحسب، بل ادان نفسه بنفسه عندما اعترف بمشاركة ووجود فريقه السياسي بهذه الحكومات، وكما يعرف الجميع بوجود وزير للمالية ممثلا لهذا الفريق في كل حكومة تولت المسؤولية، ما يعني ذلك مسؤوليته الاساسية والمباشرة عن  وضع وتنفيذ السياسات المالية لهذه الحكومات، ومن بينها القرار ألذي اتخذ بالتوقف عن تسديد مستحقات سندات الدين الأجنبي اليورو بوند»  وسياسة الدعم التي اهدرت مبلغ ١٥ مليار دولار، وذهب معظمها لجيوب المافيات والتهريب الى سوريا.

 

اما تكراره بأن ودائع المواطنين مقدسة، ولن يسمح المساس بها، فأصبحت اضحوكة، يتداولها الناس بكثير من السخرية، لانها تتناقض مع الاداء السياسي الفعلي، والتهرب المتواصل من القيام بسن القوانين المطلوبة في المجلس النيابي، ولاسيما منها قانون الكابيتال كونترول، الذي يتم التناوب بين المجلس والحكومة ،على ترحيله ، وارجاء البت فيه، كما خطة التعافي الاقتصادي والمالي،وكما هي حال مشروع هيكلة المصارف الذي يتأرجح اقراره بمجلس الوزراء، تحت وطأة المستفيدين السياسيين والمصرفيين من الوضع الفوضوي السائد حاليا، في حين تذوب الودائع في المصارف مع مرور الزمن ، مع عدم السماح بالمساس بها، والمواطن  يتحسر عليها، ويئن من ضغوطات الأزمات وعذاباتها.

هذا التناقض النيابي الفاضح، بين القول والفعل في الاداء السياسي والنيابي الهش لهذين النموذجين،  ونماذج نيابية اخرى، يؤشر بوضوح إلى حال الانهيار الذي بلغه لبنان، وان كانت الازمة المالية والاقتصادية اهم نتائجه، ولذلك لم يعد مستغربا ان تكون مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اصبحت  خارج ارادته.