يحتدم السباق بين التصعيد والحل الديبلوماسي الذي تحدث عنه الموفد الأميركي والوسيط آموس هوكشتاين في أول موقف له من بيروت، وتتركز الجهود المحلية على مقاربة الصيغة الديبلوماسية المطروحة على طاولة التفاوض، للوصول إلى حلٍ عبر تثبيت الحدود البرية وتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي. لكن سؤالاً أساسياً يبدو متداولاً على هذا الصعيد، ويتناول المفاوضات الجارية والجهة المخوّلة إبرام أي تفاهم أو اتفاق بري حدودي عند الوصول إاليه، في ضوء الفراغ الرئاسي.
وزير العدل الأسبق البروفسور ابراهيم نجار أجاب عن هذا السؤال مؤكداً أن مجلسي الوزراء والنواب قادران على إنجاز وإبرام أي اتفاقية مرتقبة، وذلك وفق الدستور وفي إطار تصريف الأعمال. وقال لـ “الديار” أنه “في غياب رئيس الجمهورية، وفي ظل الظروف الاستثنائية الحالية في لبنان، من الصعب جداً القول إن التفاوض يخرج عن نطاق تصريف الأعمال، لأننا في مرحلة مأزومة يتوقف عليها مصير السلام الأهلي في لبنان”. وأعرب عن اعتقاده بأن “هذا يمكن أن يدخل ضمن نطاق تصريف الأعمال بمعناه الضيّق، لأن الأزمات لا تنتظر انتخاب رئيس جمهورية، ولأن الأزمات ليست بيد لبنان في حالة من هذا النوع، حيث يتعيّن على مجلس الوزراء أن يقوم وكالةً بالتفاوض، وعند اللزوم إبرام اتفاقات بالأحرف الأولى، وأن يحيلها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها وفقاً للأصول، لأنه بالنتيجة فإن الغتفاقات الدولية يجب أن تُعرض ليس فقط على مجلس الوزراء، ولكن أيضاً على مجلس النواب”.
واشار الى لن “هذا كله يستند إلى نصوص الدستور وبصورة خاصة المادة 52، التي تنصّ على أن رئيس الجمهورية، وهنا مجلس الوزراء، يتولى المفاوضة في عقد المعاهدة الدولية وإبرامها، ولا تصبح مبرمةً إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، ثم تُطلع الحكومة مجلس النواب عليها، حينما تمكّنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة”. ولذا، رأى أن “كل اتفاقية تتعلق بجنوب لبنان، لها آثار مادية، لأنها تتعلق بتحديد وترسيم الحدود البرية وضمّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها، وهذا بنظري شخصياً، لا يمكن إبرامه إلاّ بعد موافقة مجلس النواب”.
وعن الفارق في الظروف الداخلية في المفاوضات الحالية والمفاوضات التي سبقت اتفاقية الترسيم البحري، أشار إلى أنه “يجوز للحكومة بدء الموافقة ويجوز لها إبرام اتفاقات، ولكن على هذا يترتب تطبيق المادة 52 من الدستور، بمعنى إطلاع مجلس النواب، وإذا كانت الاتفاقات تتضمن آثاراً مادية ومالية أو عقارية، فيجب حينذاك عرض الموضوع على مجلس النواب”.
واستدرك أن “الحديث انطلق منذ شهر حول هذا الملف، وعندما زار برنار إيميه لبنان حمل معه العرض الذي نحن بصدده اليوم مع الوسيط الأميركي، فالقضية ليست مطروحة اليوم مع زيارة هوكستين فقط، بل هي مطروحة منذ مدة”.
وعن وضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كشف نجار أن”هذه القضية تقوم على التباسٍ كبير، لأنه عندما حصلت الحرب بين العرب و”إسرائيل” في العام 1949 ، تقدمت الجيوش العربية باتجاه “إسرائيل”، وحينها كانت سوريا تعتبر أن جزءاً من هذه الأراضي تابع لها، كما أنه في العام 2000 عندما انسحبت “إسرائيل” كانت الأوضاع غير واضحة، لانه لم يكن معروفاً إذا كانت تلك المناطق تابعة للملكية العقارية اللبنانية أو للملكية العقارية السورية، ولذلك يحكى كثيراً اليوم، أن الترسيم الحقيقي حصل في العام 1923 قبل الحرب بين الدول العربية والكيان الذي تمّ إيجاده في 1949 في فلسطين”.