يستقبلك المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في مكتبه، فتشعر أنّك في حضرة رجل أكبر من موقعه. لا يبالغ في اصطناع ادوار اكبر منه، بل يخفّف من حجمه وتأثيره، ربما ليس فقط بفعل التواضع، بل لعدم اثارة الشبهات حول رغبات سلطوية، في زمن لا يُفترض فيه اثارة الشبهات.
من ادقّ المهمات في المؤسسة العسكرية، الى مديرية الامن العام، يتقدم عباس ابراهيم، في هدوء يعمل، ويصف الوضع في لبنان بأنه «يشبه بحراً من الازمات، كلما رميت صنارّتك فيه تصطاد كثيراً من الحلول».
يتكلم على مدى اكثر من ساعة عن ادقّ الملفات، وفي النهاية يعترف: «لم أٌدلِ بأكثر من واحد في المئة ممّا اعرف، وربما واحد في المئة نسبة كبيرة».
لا يتردّد في لعب دور وسيط الجمهورية، ويستند كما فؤاد شهاب الى الكتاب، منه ينطلق ويقول: «أضع الكتاب (الدستور والقانون) على الطاولة،
وأقرا فيه، وأعمل وفق ما يعطيني اياه من صلاحيات».ويستطرد: «هكذا يُفترض بكلّ مسؤول أن يعمل، عندها تنتفي المشكلات والازدواجيات».
عند سؤاله عن قضية توقيف أحمد الاسير، يقول بشيء من الملل: «الامن العام لا يغمض عينيه ولا ينام، راقبناه منذ سنتين الى يوم توقيفه. كانت هناك خلية لدينا اسمها خلية أحمد الاسير، وهي التي تابعته الى أن تمّ توقيفه في المطار.
لم يُجرِ أيّ جراحة، بل غيّر شكله، لم يموِّله أحد من القيادات او المرجعيات السياسية، كان مموّلوه من رجال الاعمال المحليين وهؤلاء سيُستدعون الى المحكمة للاستماع اليهم». ماذا عن احمد الاسير الموقوف؟ يقول ابراهيم: «لقد اعترف بسرعة واجاب على كلّ الاسئلة في هدوء».
وماذا عن احالته الى مديرية المخابرات؟ يجيب: «القضاء اشار بذلك، وهذا طبيعي لأنّ الاسير مسؤول عن استشهاد 18 عسكرياً، ومحاكمته ستجرى في المحكمة العسكرية». واضاف: «اعتقد أنّ حالة الاسير تفككت، أما بقية الاسماء كشادي المولوي وسراج الدين زريقات (الموجود في سوريا) فهي تحت المراقبة الدائمة».
وفي موضوع خطف العسكريين، يؤكد ابراهيم أنّ المفاوضات انتهت، وانّ الخاطفين من «جبهة النصرة» جمّدوا العمل بالاتفاق الذي تمّ التوصل اليه. ويشير الى «أنّ التواصل مع المفاوض القطري لا زال مستمراً ويومياً». ويكشف أنّ الاتفاق للافراج عن العسكريين كان قد حُدِّد بالمكان والزمان والساعة، «لكنهم أخلّوا بالاتفاق وذلك حصل قبل معركة القلمون».
ماذا عن مصير العسكريين لدى «داعش»؟ ينفي المدير العام للامن العام أيّ معلومات تتحدّث عن مصيرهم سلباً او إيجاباً، ويقول: «المعلومات عنهم متضارِبة». أما عن مصير المصوّر سمير كساب فقال: «كنا على وشك الانتهاء من القضية، لكن فجأة انقطعت الاخبار عنه، وقيل لنا إنّ الخاطفين يشغّلونه عندهم في مجال الاعلام والتواصل الاجتماعي».
عن مباردة رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول «وسيط الجمهورية»: «هذه المبادرة يمكن أن تكون بداية للانفراج، وننتظر تعليق بقية الأفرقاء عليها. تشكل المبادرة فرصة كبيرة، ولم يكن لأحد دور فيها، إلّا الرئيس بري حصرياً».
ويتحدّث ابراهيم عن النزوح السوري، فيشير الى «أنّ هذا النزوح قد أحدث عبئاً اضافياً على اجهزة الدولة، وخصوصاً الامن العام». ويكشف العدد الحقيقي للنازحين وهو مليون و200 الف نازح «بلا زيادة او نقصان».
ويقول «إنّ الوضع الاجتماعي سيؤدّي الى استمرار الحراك الشعبي»، وينفي عن هذا الحراك أيّ صبغة تآمرية، ويؤكد انه لن ينتهي في يوم أو يومين، لكنه لا يهدّد الوضع الامني، الذي لا توجد عوامل لتفجيره.
وعن قضية توقيف أحمد المغسل في مطار بيروت يقول ابراهيم بجرأة: «لقد مرّ عبر الامن العام وختم جواز سفره بطريقة شرعية، و»الباسبور» صحيح وغير مزوَّر، وبعد اتمام اجراءات الامن العام تمّ توقيفه».
عن عدم توافد الخليجيين الى لبنان وجّه ابراهيم رسالة الى كلّ دول الخليج بأن تشجّع رعاياها على القدوم الى لبنان لأنّ الوضع الامني مستتب، ولأنّ القوى الامنية اللبنانية تقوم بواجباتها في حفظ الامن على اكمل وجه».