IMLebanon

الابراهيمي: الله يساعد لبنان

اذا اردت ان تعرف ماذا يدور في سوريا والعراق والاردن ولبنان ودول الخليج، عليك ان تعرف ماذا يدور في اروقة الامم المتحدة وغرفها ودهاليزها من خطط وعمليات تقطيع وفرز وضمّ لأرض وبشر، ليس في منطقتنا العربية فحسب، بل في اي مكان في العالم، ترى الدول المتحكمة «بمسلخ» الامم المتحدة، ان مصالحها تقضي بتدمير هذه الدولة او تقطيع اوصالها وتشريد اهلها، تقدم على ذلك، دون ان تسأل او تهتم بالعذابات وجرائم القتل والمجازر التي ترتكب ضد ملايين الابرياء.

واذا اردت ان تعرف ماذا يدور في «مسلخ» الامم المتحدة، عليك ان تفتش عن الاشخاص الذين عملوا في هذه المؤسسة الدولية، التي وجدت وفق شرعتها، لحماية الناس والدول الصغيرة، ومنع الحروب بين الدول الكبيرة، المتسلطة على الامم المتحدة والعالم، لأنهم الأعلم بما يتمّ فيها من صفقات تتناقض دائما مع شرعتها، بل تكون على حساب الشعوب والدول التي لا حول لها ولا قوة.

الاخضر الابراهيمي من هؤلاء الاشخاص الذين عملوا في ا كثر من مكان، تحت علم الامم المتحدة، ويعرفون الكثير من الاسرار والحقائق والمناورات الوهمية احياناً، والتي تتفرّد بها الدول الخمس الكبرى التي تمتلك حق النقض (الفيتو)، وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا، اللتين ان اتفقتا على امر فانه يصبح القضاء والقدر الذي لا مرد له.

آخر مهمة للابراهيمي كانت تكليفه ايجاد «حلول» للأزمة السورية، بما يؤدي الى وقف حمّام الدم فيها، وبعد اشهر من المحاولات لايجاد صيغة مقبولة من رئيس النظام بشار الاسد، ومن المعارضة السورية، والاهم، من الولايات المتحدة وروسيا، ادرك الابراهيمي انه يضرب في فراغ، وان طريقة مسدودة تماما، فقرر التنحّي وتقديم استقالته. من هنا يبدأ مشوارنا مع الاخضر الابراهيمي، ويبدأ بكشف القليل، ولكن الخطير والفائق الاهمية لانه يتناول دولاً عديدة وشعوباً تعدّ بالملايين.

***

عشية تقديم استقالته الى بان كي مون، اجتمع الابراهيمي مع صديق له في جنيف، وكشف له انه سيقدم استقالته للامين العام للامم المتحدة قبل نهاية الاسبوع، ففوجئ الصديق وقال له انت الديبلوماسي العتيق المتمرّس، صاحب البال الطويل ونعمة الصبر، تستسلم امام الصعوبات بهذه السهولة، فقال الاخضر، لا تصدّق ما تسمع وما ترى في المبنى الضخم للامم المتحدة، فالقرارات هناك يا صديقي تختصر بالتوافق بين موسكو وواشنطن، اما موافقة الدول الاخرى فتحصيل حاصل، ولاعطاء القرارات التي تؤخذ هالة الاممية لا اكثر ولا اقل، وكي تأخذ طريقها للتنفيذ، ويتابع، عندما قبلت المهمة الشائكة في سوريا، كان الهدف منها انهاء حياتي الديبلوماسية باحلال السلام في سوريا، والوصول الى تسوية في اكثر الاماكن صعوبة في الشرق الاوسط، ولذلك بدأت بوضع سيناريو ازعم انه عقلاني، ينطلق من المحافظة على النظام واركانه، ليطمئن الرئيس بشار الاسد، الى مستقبله بعد مغادرة سوريا، واقتراح مغادرته، والقصد منه قبول المعارضة الخطة والحل، فاصطدمت برفض بشار الاسد اي كلام حول مستقبله، فحاولت مجدداً مع التنظيمات المعارضة التي يبلغ عددها 86 تنظيماً اسلامياً مقاتلاً، لم يتسنّ لي الاجتماع سوى مع سبعة منها، قادتها معروفون اما التنظيمات الباقية فقادتها غير معروفين، وهي تشّن عمليات ضد رئيس النظام، ومع الوقت وشيئاً فشيئاً – تأكدت ان الروس والاميركيين يديرون كل شيء على الارض في سوريا، من اصغر تفصيل الى اكبر تفصيل، وبتّ على اقتناع بان سوريا ستقسّم كما العراق، كما ان الاردن لن يبقى على ما هو عليه اليوم، وسوف يتحوّل الى مكان لحل ازمة الفلسطينيين في الخارج، اما في الخليج فلن تبقى هناك امارات او ملكيات، وعن لبنان، ردّد الابراهيمي ثلاث مرات: الله يساعد لبنان…

***

الى هذا الحدّ تنتهي اعترافات الاخضر الابراهيمي وانطباعاته لصديقه السوري، وكان يمكن ان تنتهي مقالتي عند دعاء الابراهيمي بأن يساعد الله لبنان، ولكن خبراً نشرته وكالة الانباء الوطنية نقلاً عن قناة «روسيا اليوم» لسفير روسيا في الامم المتحدة، فيتالي تشوركين، اكدّ لي كم هي دقيقة توقعات الابراهيمي … تقول الوكالة:

«اكد سفير روسيا لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد، بخصوص استعادة السيطرة على كامل الاراضي السورية، لا تنسجم نهائياً مع الجهود الديبلوماسية التي تقوم بها روسيا، وان موسكو، ساعدت الاسد على تغيير موازين الحرب، وهو ما يفرض عليه اتباع الخط الروسي والالتزام بمحادثات السلام، محذراً النظام السوري من تجاهل خطة وفق اطلاق النار (…) واعتبر المسؤول الروسي ان استمرار القتال يعدّ أمراً بلا جدوى، ودعا النظام الى اتباع خطى روسيا، في حـال اراد الخـروج من الازمـة مع حـفظ كرامـته».

هل ما يشهده لبنان من تخبّط في جميع مجالات الحياة، ونشوب هذه الازمة المستجدة المفتوحة على جميع الاحتمالات، مع السعودية، هما المدخل الى اغراقه في الدماء السورية، وما يتبع ذلك من تحقيق ما تخوّف منه الاخضر الابراهيمي؟!