IMLebanon

إدلب والقضاء على ما تبقى من الشعب السوري

 

يروّج إعلام إيران بأنّ «الحرب العالمية الثالثة» ستخاض في إدلب، أما الإعلام الروسي فيروّج لمعركة إدلب الكبرى، ولا يكفّ عن تكراره ليل نهار أنّ «الخوذ البيضاء» يدرّبون أطفالاً على «مشاهد موت مفتعل بقصف الكيماوي، النظام والروس وإيران كلّهم يعزفون مقطوعة واحدة بأنّ المعارضة ستستخدم السلاح الكيماوي وستتهم النظام السوري، حتى «الأميركان» الأفاضل يشيعون أن معلوماتهم تشير إلى استعداد النظام لاستخدام الكيماوي مجدداً، وأنّ أميركا لن تسكت، كذلك فرنسا لن تسكت، «بلا زغرة بالقارىء» يُخيّل لنا أنّ القصف الأميركي والفرنسي السابق ردّاً على استخدام السلاح الكيماوي «شال الزير من البير»!!

 

ما يُفهم أنّ إدلب وريفها ستفتح عليها أبواب جنّهم، وأنّ لعبة الموت لن تتوقف في سوريا، «زقّت» الباصات الإرهابيين من جميع أنحاء مدن سوريا، حتى من لبنان إلى إدلب، ويقال هذه المرة سيعيدون توزيعهم ما بين حلب وحماه، وأطرف ما قرأناه حول هذا الصراع الكيماوي الإعلامي صرح به المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف بأن الإرهابيين من جماعة «هيئة تحرير الشام» نقلوا 8 حاويات مليئة بالكلور إلى مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب لتنظيم مسرحية الهجوم الكيماوي!!

المحزن في المشهد السوريّ كلّه هو بقاء بشار الأسد الذي ورث سوريا وشعبها وكأنّهم عقار، ومضى بسيرة عائلته بإعمال القتل فيهم، كأنّ هذه العائلة قدر هذا الشعب المنكوب بها، بقاء الأسد الذي وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنّه «خطأ»، بعد مئات آلاف القتلى ومئات آلاف الجرحى والمفقودين والمعتقلين بعد كلّ هذا الدمار يصبح بقاء الأسد مجرّد «خطأ» فقط!!

هذه المأساة مستمرّة، ومشاهدها ستتكرر فتتباكى وسائل الإعلام العربيّة على المدنيين السوريين المحاصرين تحت النيران وغاز الكلور في إدلب، وأقصى أمنياتهم أن يغادروا إلى مخيّمات الذلّ والتشرّد والمجهول، والمشهد الأميركي أيضاً سيتكرر بضعة صواريخ «توما هوك» لتنفيس نقمة الشعوب الغاضبة والخائفة من مشاهد القتل اليومي الجماعي في عصفورية نظام متوحش جداً!

ستبقى مرثاة الشاعر السوري الشاب «حسن الخيّر» الذي لم يعرف يوماً مكانه أو إن كان ميتاً أو حيّاً بعدما اعتقله نظام بعث السبعينات، مرآة واقع سوريا وكلّ مدنها المدمّرة أو التي على وشك التدمير وعلى مرأى وبتواطؤ من كل دول العالم خصوصاً منها عربُ ذاك أو هذا الزمان: «ماذا أقول وقول الحق يعقبه/ جلد السياط وسجن مظلم رطب/ وان كذبت فان الكذب يسحقني/ معاذ ربي ان يعزى لي الكذب/ وان سكت فان الصمت ناقصة/ إن كان بالصمت نور الحق يحتجب/ لكنني ومصير الشعب يدفعني/ سأنطق الحق ان شاؤوا وان غضبوا/ عصابتان هما: احداهما حكمت/ باسم العروبة لا بعث ولا عرب/ وآخرون لباس الدين قد لبسوا/ والدين حرم ما قالوا وما ارتكبوا/ عصابتان أيا شعبي فكن حذرا/ جميعهم من معين السوء قد شربوا»…

حرب كبرى على وشك الاندلاع في إدلب «بلد الزيتون»، خريف مأساة جديدة وأيلول دمويّ على وشك أن يفتح الأبواب لسيلٍ من أرواح القتلى في مشهد حفظه العالم عن ظهر قلب!