Site icon IMLebanon

«لو» يعترف عون بشركاء مسيحيّين!

لا يكشف قيادي مسيحي سرّاً إن قال إنّ كثيرين ينتقدون استمرارَ تفرّد العماد ميشال عون في بعض المحطات السياسية وعدم اعترافه بوجود أيّ من نظرائه المسيحيّين، وهو أمر ينسحب على علاقاته بقيادات تياره وحلفائه، والأمثلة على ذلك لا تُحصى. لذلك فهُم ينكرون عليه حقّه بالدعوة منفرداً الى إستعادة الحقوق المسيحية. لماذا؟ وما هو المطلوب؟

في 19 حزيران 2013، التقى القادة المسيحيون الأربعة في بكركي، في أوّل لقاء من نوعه في الشكل والمضمون: رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وذلك بدعوة من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للبحث في الإستحقاق الرئاسي قبل 11 شهراً على انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ولمقاربة استباقية لهذا الإستحقاق وتغيير الصورة التي كانت سائدة باستحالة إجتماع القادة الموارنة على إختيار الخَلَف لسليمان.

راهن المسيحيون يومَها على أنهم اكتشفوا شكلاً جديداً من أشكال التعاون المفقود بين القادة الموارنة، وعُدّ إنجازاً كبيراً للبطريرك الجديد الذي أعاد وصلَ ما انقطع بين بكركي وبعض القيادات المارونية.

واعترف يومها عددٌ من الوجوه الموارنة بأنهم اكتشفوا وجهاً آخر لعون لم يعرفوه. فقيل يومها إنه اعترف بوجود قيادات مارونية أخرى لها دورها على الساحة الوطنية ولا بدّ من توفير شكل من أشكال التعاون المطلوب في ظلّ الإنقسامات العمودية بين محورَيْ «8 و14 آذار».

فإنتخابات العام 2009 التي خاضها عون بالتحالف مع «حزب الله» و»الطاشناق» وقوى «8 آذار» سمحت له بحسم لوائح إنتخابية كثيرة في بعض المناطق ذات الكثافة الشيعية أو الأرمنية الراجحة، خصوصاً في جبيل وجزين وبعبدا – عاليه والمتن الشمالي، وصدرت بعدها نظرية تمثيله لـ70 في المئة من المسيحيين، وهو ما أثار جدلاً قوياً في شأن دقّة هذه الإحصاءات وقواعدها.

ومنذ ذلك التاريخ أُخذ على عون تمسّكه بهذه الإحصاءات التي استثمرها الى اقصى الحدود، لا بل بنى عليها تفرّده وعدم اعترافه بالمكوّنات المسيحية الحزبية الأخرى إلّا بالحدّ الأدنى من حلفائه، فلم يكمل بعضهم الدرب الى جانبه أو تراجع الى الحدود الدنيا من التعاون والتنسيق بينهم من دون قطع شعرة معاوية.

قد يقول قائل ما هي المناسبة التي تدعو الى العودة بالذاكرة الى هذه المعادلة وتلك الفترة؟ فيأتيك الجواب أنّ ما يطرحه عون اليوم للظهور بمظهر المُطالب منفرداً بحقوق المسيحيين يغري البعض ويجعل الأحزاب المسيحية الأخرى تشعر وكأنها في وادٍ آخر، فيما الواقع يقول بغير ذلك.

والحجة قوية، فلجوء عون الى المواجهة مع تيار «المستقبل»، والتي انسحبت على علاقته برئيس الحكومة تمام سلام لا يُعدّ مواجهة صائبة يمكن أن تؤدّي الى استعادة هذه الحقوق.

فما قاده الى رفع شعار حقوق المسيحيين بُني على الفشل بالحصول على اعتراف «المستقبل» بأنه «الرئيس التوافقي» المتقدّم بين القادة الأربعة ومَن لديه سبب آخر يجعله يتناسى «الإبراء المستحيل» لفترة من الزمن فليقدِّمه شرط أن يُقنع أحداً من أيّ فريق، من حلفائه أو حلفاء حلفائه أو غيرهم.

أضف الى ذلك، فقد جاءت مساعيه لشلّ حكومة «المصلحة الوطنية» في وقت يعاند بعدم مشاركته في توفير النصاب لإنتخاب رئيس للجمهورية ما لم يجمعوا على انتخابه ليزيد من الخوف لدى المسيحيين المناهضين لنهجه. وزاد الطين بلة المواجهة التي يقودها ضدّ الجيش قائداً وقيادة وضباطاً، معتبراً أنهم جميعاً في مواقع «تمّ السطو» عليها.

أمام هذا المشهد السياسي، ترى القيادات المسيحية التي تناهض عون أنّ تفرّده يمكن أن ينعكس توسّعاً لحال الإحباط لدى جمهوره على بقية المسيحيين الذين يرفضون كلّ أشكال المواجهة التي يقودها، وأكثريتهم مقتنعة بأنّ مفتاح ما تعانيه البلاد يتوقف على انتخاب رئيس للجمهورية، وما يخشونه فعلاً هو أن تنتهي مواجهته هذه بتكرار سيناريو العام 1989 الذي عاشه المسيحيون بعد «إتفاق الطائف» والذي قادت اليه حروبه في قلب البيت المسيحي ومع الجيش السوري في حينه.

ولئلّا يعيد التاريخ نفسه يتمنّى عددٌ من القادة المسيحيين أن يُقرّ عون بوجود قوى مسيحية أخرى لا بدّ من الإعتراف بالتنسيق معها ليقود معها الحملة المطلوبة لإستعادة حقوق المسيحيين التي تتعدّى وصولَ مَن يريده الى هذا الموقع أو ذاك. ألا يتذكّر البعض التفاهم الواسع الذي تحقّق حول قوانين تملّك الأجانب واستعادة الجنسية وتحديد أنواع المهن للأجانب. فلماذا لا تتكرّر التجربة؟