سؤال الى من يعنيهم الأمر:
اذا كان قانون الستين مرفوضا، ثم أن التمديد مرفوض، والنسبية التامة مرفوضة، والقانون الأكثري مرفوض، والقانون المختلط بكل صيغه مرفوض… ومع ذلك يوجد في المقابل اصرار على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، فما هو الحل؟ وكيف يكون المخرج من هذه الدوامة المفتعلة؟ هذا التعثر في العمل على ايجاد قانون انتخاب جديد مستمر منذ نحو ثماني سنوات. والقوى السياسية التي أخفقت في هذه المهمة في الماضي، هي نفسها القوى ذاتها التي تعمل على القانون الجديد، فكيف ينتظر منها أن تنجح في هذه المهمة؟!
هذا يعني وجود خطأ في الأساس، أي في نقطة الانطلاق في المعالجة. ونقطة الانطلاق المحددة هي إعداد قانون يضمن صحّة التمثيل، وهذا التوصيف ينطوي في حدّ ذاته على كل المواصفات الايجابية الأخرى من العدالة والمساواة والميثاقية وغير ذلك. والثغرة الوحيدة التي تنسف الهدف المحدّد والمنشود، هو ربط صحة التمثيل بشرط مضاف هو قانون يرضي الجميع. ولما كان إرضاء الجميع غاية لا تدرك حتى بالنسبة للأنبياء المرسلين، فذلك يعني أن المهمة في ذاتها حملت في طيّاتها جينات فشلها، مهما استمرت المحاولات، ومهما طال الزمن!
في بلد بنظام طائفي هش، وينخره الفساد حتى العظم، ومكونات سياسية كل منها يشدّ اللحاف نحوه، من الصعب بل المستحيل تحقيق أي اصلاح بالتراضي وبموافقة واجماع مكونات الوطن، والمقصود الفعلي اجماع مكونات الطبقة السياسية!… وهذا الواقع المفتعل والمقصود سيقود الى احدى نتيجتين: اما أن يرضخ رئيس الجمهورية حامل لواء الاصلاح والتغيير، للأمر الواقع ويوافق على أي قانون مفرغ من مضمون اصلاحي، لا لشيء إلاّ لأنه وجد موافقة اجماعية من المكونات السياسية. واما أن… واما أن…
آخر الدواء الكيّ… والخطة ب بيد الرئيس…
اذا كان فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد أن يكون صادقا مع نفسه، ووفيا لماضيه وحريصا على سمعته ومستقبله – وهو كذلك – فان الطبقة السياسية النخرة، لا تبقي له سوى الخيار الثاني المحتوم وهو أن يقطع العقدة المتضخمة بحدّ السيف الدستوري… واذا انتهت المهلة الدستورية دون وضع قانون جديد للانتخاب، فليس أمام رئيس الجمهورية سوى أن يوجه خطابا الى المجلس النيابي ويطلب منه وضع قانون جديد للانتخابات تنطبق عليه مواصفات الدستور، وهي حصرا قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس الشيوخ.
ان نعود لنبدأ من الصفر على أساس دستوري واصلاحي صحيح مهما تطلب ذلك من الوقت، خير من أن نتابع مسيرة الفساد والدوران في حلقات مفرغة الى ما لا نهاية!