IMLebanon

إذا عبر فرنجيه العقبات من خصومه والحلفاء فهل يستطيع أن يُطمئن اللبنانيين؟

على هامش الفكرة التي أبرزت ترشيح سليمان فرنجيه واضطلعت الديبلوماسية البريطانية في بيروت بدور في انطلاقتها قبل ان تكملها الديبلوماسية الاميركية في بيروت، تحدثت معلومات عن ان “حزب الله” كان على بينة منها من دون معرفة ما إذا أطلع حليفه العوني عليها، كما كان الدكتور سمير جعجع مطلعا عليها. وليس واضحا ما اذا كانت إثارة دور السفير ديفيد هيل قبل مغادرته لبنان من باب الطمأنة، او لمحاولة اقناع قوى 14 آذار، انطلاقا من ان موافقة الاميركيين على مرشح لـ8 آذار معروف بسياسته المؤيدة والداعمة لـ” حزب الله” ولرئيس النظام السوري بشار الاسد، تساعد على “تبليع” هذه القوى ما لا يمكنها بلعه، على اساس ان هناك ضمانات قد تكون اطمأنت اليها واشنطن بحيث لم تمانع في هذا الترشيح. الا ان مصادر سياسية تؤكد انه لا يمكن الركون الى هذا المنطق انطلاقا من ان واشنطن لم تمانع طيلة مدة الوصاية السورية على لبنان في أن يكون لسوريا اليد الطولى في اختيار رئيس في لبنان يطمئن هذه الاخيرة. ومع ان سوريا لم تعد هي نفسها وحلت محلها كل من ايران وروسيا، صاحبتي النفوذ في سوريا راهنا، فإن المبدأ قد لا يكون تغير في ضوء عاملين، احدهما ان هناك الحاحا من اميركا وسواها على انتخاب رئيس في لبنان يعيد انتظام العمل الى المؤسسات الدستورية في ظل تعطيل تتولاه قوى 8 آذار، وفي مقدمها “حزب الله” مختبئا وراء العماد ميشال عون، او متشبثا بايصال رئيس يطمئن اليه كليا، وهو ما يعني إمكان استمرار تعطيل الرئاسة والحكومة طويلا، بما قد يهدد استقرار لبنان على صعد عدة. والعامل الثاني هو ان تحولا كبيرا طرأ على اثر توقيع الاتفاق النووي مع ايران، علما ان الولايات المتحدة لم تعترض قبل الاتفاق ولا بعده على تدخل ايران عسكريا في سوريا لمساعدة النظام، ولم تصعد موقفها ازاء تدخل الحزب لمساعدة النظام ومنعه من السقوط.

وفي التبريرات ان العوامل الداخلية هي التي أدت دورا حاسما في خيار فرنجيه، ولم يؤخذ بشار الاسد شخصيا في الاعتبار، بل ما يطمئن الحزب وليس ما يلبي طموحات رأس النظام السوري، ولو ان ثمة علاقة شخصية ومباشرة بينه وبين فرنجيه، لان سوريا من الان وحتى 20 سنة لن تقوم لها قائمة او تكون فاعلة في حال نجاح الجهود الراهنة في ايجاد حل سياسي. وحتى بالنسبة الى زعماء في قوى 14 آذار فان الاسد بات غير ذي اهمية، ايا يكن مسار الامور في سوريا، وهو يعتمد على روسيا وايران من اجل ان يبقى. ومع الاقرار بأن الاسد يمكن ان يستفيد معنويا على الصعيد الشخصي الى حد ما من وصول فرنجيه الى الرئاسة الاولى، فإن من يتقبل فكرة وصول فرنجيه ويروج لها يقول ان اقدام الحريري على التفاوض مع هذا الاخير من اجل دعم ترشيحه يندرج في اطار الخطوات المفاجئة التي قام بها في ثلاث محطات رئيسية، كانت احداها زيارته العاصمة السورية ولقاء بشار الاسد، وكانت الثانية حين اعلن من على باب المحكمة الخاصة بمحاكمة المتهمين باغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، عن ربط النزاع في حكومة الرئيس تمام سلام، فيما تمثل الخطوة الثالثة احتمال دعم ترشيح فرنجيه. البعض من خارج فريق الحريري يبرر بأنه ايا يكن انخراط فرنجيه رئيسا الى جانب الاسد، فهو لن يتعدى انخراط “حزب الله”. فيما يقول البعض الاخر ان فرنجيه رئيسا، كما اي رئيس، يتأثر حكما بالوضع الاقليمي، وسيكون مضطرا الى الموازنة في علاقته وموقعه، بحيث لن يؤثر في الوضع الاقليمي بمقدار ما سيتأثر به في ظل صلاحيات لم تعد كما كانت قبل اتفاق الطائف.

لكن ذلك لا يمنع أن اللبنانيين على المستوى الشعبي وليس السياسي فحسب، في حاجة الى ان يطمئنوا الى الاتجاهات السياسية التي يمكن فرنجيه ان يتبعها إذا ذللت العقبات امام انتخابه. فايران حلت مكان سوريا، والانطباع عن فرنجيه وتحالفاته اقوى من كل التبريرات، والمشروع الذي يمثله كرئيس من طرف سياسي محدد يخيف قسما كبيرا جدا من اللبنانيين. وتاليا، فان التحفظات او الخشية التي اثارها لا ترتبط فقط بتلك التي اثارها لدى حلفائه او خصومه من السياسيين، على رغم ان لدى هؤلاء حساباتهم ومصالحهم. وتحدثت معلومات عن ان نوابا وضعوا مجموعة اسئلة للبحث فيها مع فرنجيه في الوقت المناسب، واثيرت وراء ابواب مغلقة، ليس من باب السعي الى عرقلة وصوله، بل من اجل الاطمئنان والاستيضاح. فالتوقف لا يحصل عند موقفه من سلاح الحزب او من انسحاب هذا الاخير من سوريا، باعتبار ان الامرين خارج القدرة الداخلية. لكن ماذا عن موقفه من تطبيق القرار 1701 ومندرجاته ومن المحكمة الدولية وما يمكن ان تتوصل اليه، ومن كل قرارات الجامعة العربية المتصلة بشؤون المنطقة وتحييد لبنان عن الحروب او المشكلات في دول المنطقة، الى جانب سلة من الاجوبة المطلوبة منه عن اسئلة كثيرة لكي يظهر فعلا انه سيأتي بتسوية.

وربما لن يكون خافيا على فرنجيه كما على الجميع ان وصوله لا يعني اخراجا للبنان فعليا من مأزقه، بل يمكن ان يساهم في تأزيم الوضع اكثر في حال ابقى على مخاوف اللبنانيين ولم يطمئنهم، انطلاقا من ان محاولة دعم ترشيحه هي للخروج من وضع سيئ ويائس في الاصل، من دون ان يعني ذلك ان استمرار الشغور الرئاسي سيكون اقل سوءا.