كما دخلت حقيبة فرنسوا هولاند الى بيروت فارغة عادت الى اصولها خاوية على حد قول مصادر مسيحية متابعة للزيارة، فالزيارة الفرنسية الى لبنان لم تكتسب اي دور يمكن التعويل عليه فلا الرئيس الفرنسي استفاد ولم يقدم للدولة اللبنانية اي افادة بشهادة السياسيين انفسهم الذين التقاهم والذين اعتبروها سياحية بامتياز باستثناء ان هولاند لم يزر مغارة جعيتا ولا قلاع اجداده الصليبيين في صيدا وجبيل وكل ما عدا ذلك يمكن وصفه بفقاعات الصابون.
وتشير المصادر الى ان اهل الحكم انفسهم قد فوجئوا بالخواء الفرنسي من ايّ مساعدة باستثناء الوعود التي اطلقها باتجاه الجيش اللبناني لمحاربة الارهاب في ظل فقدان اي صيغة او مدة زمنية لتقديم السلاح الى المؤسسة العسكرية.
وحتى في السياسة تهزأ هذه المصادر من اطلاق هولاند الدعوة الى المجلس النيابي للاجتماع وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والخلاصة ان رئيس فرنسا العضو الدائم في مجلس الامن الدولي يريد من خلال زيارته زرع علم فرنسا في عداد الاعلام الدولية في محاولة لاقتسام الكعكة في الشرق الاوسط ودون وجود اي ضمانات بعد السباق الروسي – الاميركي في المنطقة وتراجع الدور الفرنسي الى الخلف، وحتى ان اللقاء الذي جرى بين البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي وهولاند والذي جاء مغايراً للرغبة البطريركية بالتمثل بأسلافه في زيارة الصرح البطريركي. هذا في الشكل اما المضمون فان الراعي وحسب هذه المصادر جمع كل عظاته ومناشداته على مدى سنتين للمطالبة بانتخاب رئيس للبلاد في مذكرة مكتوبة على رغم اهميتها، الا ان فرنسا اليوم غير الجمهورية الفرنسية بالامس فلا هي صاحبة القرار وجلّ ما تستطيعه السعي الدائم للمشاركة في هذه المنطقة بعد ان خسرتها جراء سياستها المتعاقبة عما يجري هنا.
والبطريرك الراعي تقول المصادر، كان يعلم مدى القدرة المتبقية لدى فرنسا لمد يد المساعدة في عدة استحقاقات الا ان المذكرة التي شرحت ابعاد الفراغ الحاصل في المقام المسيحي الاول والاخير في الشرق يمكن ان لا تسلك طريقها في مغاور التنفيذ، فالزيارة الى لبنان كانت استعراضية ليس اكثر، فيما السياسة حطت في الاردن ومصر وهكذا يمكن استخلاص التوجه الفرنسي وعجزه في ادارة الملفات خارج الاراضي الفرنسية الا من فتات ما تتركه اميركا له.
وحتى داخل فرنسا لم تكن الزيارة ناجحة، تضيف المصادر، ومن يراقب وسائل الاعلام الفرنسية يعي حقيقة قوة فرنسا المتهالكة داخل بلادها، فكيف لها اجتراح الحلول في الخارج؟ وتقول هذه المصادر ان لبنان لطالما كان في الحضن الفرنسي طوال عشرات الاعوام ومسألة خروجه من بين يديها يمكن ان تحصل، والمراد من هذه الزيارة التذكير بالدور الفرنسي ليس إلا، كي لا ينسى الاميركيون والروس ان فرنسا كانت يوماً في لبنان وسوريا، واذا تم فقدان الساحة السورية والعراقية والاردنية يبقى التعويل على امكانية الاستحصال على الدور، اي دور ممكن في الساحة اللبنانية.
وتؤكد المصادر ان ابتعاد حزب الله من اللقاء معه على خلفية قوة الاول في لبنان والمنطقة أفقد فرنسا ورقة هامة من بين يديها للعودة الى لبنان ولكن الضغوط الاميركية والسعودية والاسرائيلية حالت دون حصول هذا اللقاء الذي كان بامكانه ان يرفع نسبة التأثير على الارض اللبنانية وما عدا ذلك فان هولاند يعي قوة الافرقاء المحليين جيداً ويعرف مضامين اللقاءات معه، الا ان الاضافة كانت اكبر لو تم السماح لهولاند بالاجتماع بوفد حزب الله. وفي مجمل الاحوال فان الحزب وحسب هذه المصادر لا يعتبر انه تلقى أي خسارة بل انها وقعت على الجانب الفرنسي الذي خرجت حقيبته فارغة فيما بقي الحزب على مواقفه والتي لم تتغير في طبيعة الاحوال ان كان قبل أو بعد الزيارة.
وتتحدث هذه المصادر عن التأثير السعودي والارتباطات المالية مع فرنسا حيث كان لها الصدى الكبير في ارجاء اللقاء الذي كان مبرمجاً وتم الغاؤها في الساعات الاخيرة. وتعطي هذه المصادر صورة مغايرة ذات وجهين لمجمل الزيارة لتكون متشابهة بشكل سلبي داخل الاوساط الفرنسية وفي الساحة اللبنانية على حدّ سواء مما يعطي انطباعاً اقرب الى المشهدية الحقيقية ان هولاند يفشل في الداخل والخارج وهو على ابواب الانتخابات الرئاسية قبل أقل من عام ونسبة تأييده متدنية للغاية. وتختصر هذه المصادر فحوى الحقيبة الفرنسية ازاء هذا المشهد السلبي لسياسة هولاند بالقول: ان فاقد الشيء لا يعطيه!!
وفي التطرق الى مجمل الزيارة فان المطلعين اللبنانيين عليها في حالة وعي تام ان كل ما يجري من زيارات دولية الى لبنان يصب في خانة وضعية النازحين السوريين وان زيارة هولاند بالذات لم تتحدث عنها الصحف الفرنسية سوى من هذه الناحية والصورة الوحيدة التي برزت تواجده في مخيم الدلهمية حيث عشرات الاف السوريين، اما باقي لقاءات هولاند فوسائل الاعلام في فرنسا لم تذكر سوى اسماء من التقاهم من الرسميين دون التطرق الى مجرد وعود او تفاهم ما او حتى تصور مشترك.