.. «لو كنت مكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».. قال خبير إحصائي في مجلس حضره نواب وسياسيون مسيحيون في أحد مطاعم ساحل جبل لبنان.. «لشجّعت رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وبالتحالف مع «القوات اللبنانية»، على خوض معارك بلدية واختيارية في كل مكان من الناقورة إلى النهر الكبير، ضد القوى المسيحية الأخرى مثل «حزب الكتائب» وتيار «المردة» والمستقلين».
لماذا؟ سأل أحد الحاضرين. أجاب الخبير الإحصائي: لأسباب كثيرة، أهمها أن هذا الاستحقاق يمثّل فرصة للعماد عون لم تتوفر من قبل، من أجل إظهار حجمه السياسي وتمثيله للأكثرية المسيحية، بعد أن شكك بقوانين الانتخابات النيابية التي لم تشكّل وسيلة لإثبات هذا الأمر، وبعد رفض الكتل النيابية الأخرى اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» الذي كان يفترض لو أنه طبّق، من وجهة نظر الجنرال، أن يعكس حجم تمثيل القوى المسيحية، وفي مقدمها التيار «الوطني الحر».
لذلك، أضاف الخبير: لا بد من الاستعانة بالاستحقاق البلدي كوسيلة تعكس الأحجام الحقيقية للقوى السياسية المسيحية، سيما وأن الانتخابات البلدية تجرى على مستوى كل بلدة، أي أن حجم الدائرة الانتخابية «البلدية» هو الأصغر في كل الدوائر المعتمدة أو المقترحة، بما في ذلك «الدائرة الفردية» التي تعتبر الأكثر تمثيلاً والأكثر قدرة على تحديد أحجام القوى على اختلافها.
وتابع الخبير في معرض الرد على مجموعة من أسئلة الحاضرين، أن هذا الاستحقاق البلدي يمكنه أن يجيب عن سؤال أساسي مطروح منذ العام 2005 (بعد إبعاد عون في مرحلة الوصاية السورية وسجن رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع): من هو زعيم المسيحيين أسوة بواقع الحال في الطائفتين السنية والدرزية، أو من يمثّل الثنائية المسيحية أسوة بالطائفة الشيعية، أم أن تعددية الزعامة هي سيدة الموقف عند المسيحيين؟
هذا السؤال، يضيف الخبير، لم تُجِبْ عنه الانتخابات النيابية بسبب تفاوت نسب التمثيل بين دورتي 2005 و2009؛ كما لم تُجِبْ عنه التشكيلات الحكومية المتعاقبة بسبب تفاوت نسب التمثيل أيضاً، رغم أن الحكومات لا يفترض أن تكون مختبراً لمثل هذا الأمر، وكذلك الانتخابات الرئاسية التي حاول النائب عون أن يحوّلها إلى مقياس لتمثيل المرشّحين لهذا الاستحقاق، بسبب تعطيله منذ سنة وتسعة شهور.
لذا، لا يمكن إيجاد مقياس لتحديد أحجام القوى المسيحية أفضل من الانتخابات البلدية والاختيارية، بحسب الخبير، لأنها المناسبة الوحيدة التي لا تحتمل أي نسبة خطأ أو التباس أو تأويل. كما أنها لا تحتمل أي اجتهاد في البلدات والمدن «الصافية» مسيحياً، بحيث لا يمكن لأي طرف الذهاب في التقديرات إلى حد الظن بأن هذه اللائحة فازت بسبب دعمها من «الصوت السني» هنا أو «الشيعي» هناك، كما درجت الحال في الانتخابات النيابية.
لهذه الأسباب مجتمعة، يخلص الخبير الإحصائي إلى أنه لو كان مكان السيد نصرالله: «لكنت نصحت النائب عون، وشجّعته، على خوض المعارك البلدية والاختيارية بالتحالف مع «القوات» في كل البلدات والقوى والمدن المسيحية، في وجه القوى المسيحية الأخرى سواء كانت حزبية أو مستقلّة.. ولكنت طمأنته بأن هذا الاتجاه لن ينعكس سلباً على «تفاهم مار مخايل» وإن استهدف قوى وأحزابا حليفة لحزب الله، لأن هذه الفرصة قد لا تتكرر قبل الانتخابات الرئاسية على الأقل، المعلّقة على خشبة التعطيل بانتظار قيامة الاستحقاق».
وإذا لجأ التيار «الوطني الحر» إلى ائتلاف هنا أو توافق هناك مع هذا الحزب أو مع هذه الشخصية المستقلّة من خارج ثنائي «التيار» «القوات»؟ سأل أحد الحاضرين.
سارع الخبير إلى الإجابة بالقول: في هذه الحال تكون النتائج التي نجمت عن الانتخابات البلدية والاختيارية غير معبّرة عن واقع الأحجام المسيحية، وبالتالي تنضمّ هذه النتائج إلى قافلة النتائج الأخرى النيابية وغيرها بحيث يبقى الغموض سيد الموقف، وكذلك التقديرات التي أطلقت عن نسبة تمثيل المسيحيين بدءاً من سبعين في المئة وصولاً إلى ستة وثمانين في المئة في مهبّ الريح.. والشكوك أيضاً.