Site icon IMLebanon

لو لعبت السعودية دورها العربي لما لجأت الدول العربية الى إيران

مضى على عاصفة الحزم 18 يوماً، على اساس انها قرار من مؤتمر شرم الشيخ للدول العربية، وان هنالك دولتين اقليميتين ستشاركان هما باكستان وتركيا، وبعد مضي اسبوعين اصبحت المعركة هي حرب السعودية على اليمن، ذلك ان باكستان قررت البقاء على الحياد وتركيا ايضاً، ومساهمة دول الخليج بسيطة للغاية، واما مصر فلم تشارك الا بقصف طائرة واحدة قامت بغارة على مراكز الحوثيين.

ورغم ان الرئيس المصري السيسي دعا الى قوة عربية مشتركة وتبنى الموضوع وطرحه على القمة العربية واقرته، فان شيئاً من هذا النوع لم يحصل باستثناء اجتماع اركان جيوش 10 دول عربية، وبالكاد دول، لأن مجلس التعاون الخليجي لا يمثل دولاً بكل معنى الكلمة بل امارات ومشيخات.

وبقيت السعودية، وحدها في الحرب، تقصف كل يوم اليمن، حيث يتم تدمير البنى التحتية فيها، وقصف الجيش اليمني، وقصف الحوثيين، وهم من الشعب اليمني العربي، على قاعدة مذهبية. فاذا بحرب السعودية على اليمن تتحول حرباً مذهبية بكل معنى الكلمة، ولا يعود عنوان استرجاع اليمن للعروبة كما تم طرحه في السابق، ليصبح العنوان تدمير اليمن العربي كي يخضع للسعودية وارادتها.

مسكينٌ اليمن، الفقر يعشعش فيه، و60 % من شعبه تحت خط الفقر، واربعة وعشرون مليون نسمة لا يدافع عنهم طيران، ولا صواريخ مضادة للطائرات، بل يبقون اسرى للقصف الجوي السعودي من دون سبب شرعي، او مستند قانوني، باستثناء ان الرئيس عبد ربه منصور هادي هو رئيس شرعي، وطلب مؤازرة الدول العربية لاعادة شرعيته، فلبى مجلس التعاون الخليجي الطلب، وقام بقصف اليمن ليل نهار، وخاصة الحوثيين لأنهم من الشيعة، ولأن السعودية وهابية الطريق. وبالتالي فإن سقوط اكثر من 2500 مدني من اليمنيين حتى الآن، وخاصة من الحوثيين المدنيين بغارات السعودية ليس ذا قيمة، بل الاهم هو اخضاع اليمن لارادة السعودية، لأن اليمن يريد ان يكون حراً، وان تكون له علاقة كاملة مع كل الدول العربية سواء السعودية ام ايران، مع بقائه رأس الحربة في العروبة، وفي الموقف من اسرائيل العدو الحقيقي للعروبة، والنقيض للنظام السعودي الذي يريد التطبيع مع اسرائيل وفق المبادرة العربية، بينما اليمن منتفض، وانصار الله اصبحوا يلعبون دوراً كبيراً في اسقاط الارادة السعودية بالتطبيع، وباتوا خطراً على النظام السعودي، لان اليمن لا يخضع لاميركا مثلما يخضع مجلس التعاون الخليجي لها وبصورة غير مباشرة لاسرائيل.

مرّ 18 يوماً، والقصف الجوي مستمر، وهو لن يقدم ولن يؤخر، وشبراً واحداً من اليمن لم تستطع لا قوات سعودية او مصرية او غيرها الدخول الى اليمن، فلتبق الحرب البرية ضد الشعب اليمني تشكل اشارة الخوف الكبرى للسعودية وللدول العربية المتحالفة مع السعودية دون ان يكون لهذا التحالف وزن مثل تحالف المغرب او الاردن ومصر.

ماذا تريد السعودية من اليمن حتى تشن عليه هذه الحرب الشعواء؟ وماذا تريد السعودية من اليمن وهو دولة مستقلة له الحق في الحياة واتخاذ القرارات التي يؤمن بها شعبه؟ ومن هذه القرارات رفض الرئيس عبد ربه منصور هادي، وعدم القبول به رئيساً للجمهورية، وهو بالفعل، اي الرئيس هادي ليست عنده شعبية يمنية، ولا مؤيدون، واضطر للاختباء في منزله في صنعاء، ثم هرب منها الى عدن، ومن عدن هرب الى سلطنة عمان بزي عماني، ومن هناك اشركوه بالقمة العربية في شرم الشيخ دون ان تكون له شرعية شعبية حقيقة يستطيع على اساسها القول ان انقلاباً حصل ضده، وان الشعب معه، ولذلك فهو يطالب بحماية شرعيته الدستورية والشعبية.

اما واقع الحال فهو ان الرئيس هادي لا يتمتع لا بالشعبية المؤيدة له، ولا بالدستورية بعدما قدم استقالته وترك القصر الجمهوري معلناً الاستقالة، وهارباً من صنعاء الى عدن، ومن عدن الى دول عربية مثل السعودية ومصر.

السعودية ترتكب خطأً عربياً كبيراً بهجومها على اليمن، وتغرق في رمال اليمن وجباله ووديانه، وتسجل تاريخياً ارتكاباً كبيراً ضد بلدٍ عربي، فقط لانها تملك السلاح والمال ودعم الدول التي تؤيدها بسبب اموالها ونفطها. واليمن لأنه فقير، وليس عنده نفط واموال مثل السعودية، يتعرض للقصف وللضرب، ولا احد يدافع عنه، وقد مضى اكثر من اسبوعين على العدوان السعودي على اليمن.

السعودية ترتكب خطأً عربياً كبيراً، سيرتد عليها، وسينال منها، لأن الشعب السعودي بعد فترة سيجد ان العدوان السعودي على اليمن لم يؤت ثماره، ولن ينجح في تطويع ارادة اليمنيين، وكسر شوكتهم، لأن اليمني لا يتنازل عن كرامته، سواء كان فقيراً او معه مال، وسواء كان هنالك نفط في اليمن، او ثروة معدنية، ام لم يكن هنالك اي ثروات. فاليمني يدافع عن كرامته حتى الموت. من هنا، واستشرافاً للوضع نجد ان السعودية غرقت في حرب اليمن، وان نجل ملك السعودية محمد بن سلمان وزير الدفاع لا يستطيع ان يكون صاحب رأيٍ مستنير مرتكز على حكمة وخبرة تاريخيتين في الحرب التي يديرها ضد اليمن.

السعودية تقصف اليمن، على اساس انه ارتكب جريمة، هي اقترابه من ايران، فلماذا يكون اقتراب دولة عربية من ايران جريمة، وماذا فعلت السعودية لمساعدة اليمن كي لا يلجأ لايران، او كي لا يلجأ لأي دولة خليجية لمساعدته، واقامة الحكم الرشيد فيه، ام ان السعودية اهملت اليمن وارادت ابقاءه ضعيفاً وفقيراً وجاراً دون فعالية، لانها تخاف العنصر البشري العربي؟

لماذا تكون الجريمة هي الاقتراب من ايران او اقامة علاقة مع ايران؟ فاذا كان الخوف من ان ايران تبتلع الدول العربية فهو انطباع خاطئ، لأنه مهما كان النفوذ الايراني قوياً، فان الشعور القومي العربي اقوى، ومهما ساعدت ايران الدول العربية الخاضعة للظلم، فان الشعور القومي العربي يبقى حافظاً الجميل لايران وعلى علاقة ممتازة معها، ولكن هذه الدول لن تصبح جزءاً من الامبراطورية الفارسية كما كانت زمان، فذلك تاريخٌ ولى، وعند اول امتحان ستجد العربي القومي يقف وقفةً واحدة في وجه ايران، ان هي اخطأت بحقه او تصرفت بمصالحه بطريقة خاطئة.

السعودية تقصف اليمن، لأنه اقترب من ايران، وتريد تكريس واقع ان الاقتراب من ايران هو جريمة، بينما ايران تساعد الدول العربية والمنظمات التي تقف في وجه اسرائيل. الانظمة التي تقف ضد ايران وتعاديها، انما هي تقف لاسباب مذهبية على اساس صراع سني ـ شيعي، وعلى اساس انها انظمة ترضى بالتطبيع مع اسرائيل، بينما ايران تدعم كل القوى العربية التي تمانع وتقاوم اسرائيل.

فهل هذه هي جريمة ايران؟ اذا كانت السعودية تلعب دوراً هاماً، فما عليها الا ان تكون رأس حربة ضد اسرائيل، وغير خاضعة لارادة واشنطن، الحليفة الاولى لاسرائيل، كي يناصر السعودية كل الشعوب العربية، وعندها لا يكونون بحاجة الى ايران. لكن طالما ان مجلس التعاون الخليجي والاردن والمغرب ومصر حتى، قررت ان تكون العوبة بيد الولايات المتحدة الاميركية، فانه من الطبيعي ان تلجأ الشعوب الممانعة والمقاومة الى ايران، وان تبتعد عن الانظمة مثل السعودية التي ليست عندها وسيلة الا اطلاق طائراتها لتقصف اليمن وتعاقبه بالقتل والدمار، دون اي حق شرعي او قانوني.