Site icon IMLebanon

إذا لم يكن ارهاباً فماذا يكون؟

وصف “حزب الله” قرار دول مجلس التعاون الخليجي باعتباره ميليشيا ارهابية بأنه “طائش وعدواني ومدان”، وهذا وصف ينطبق تماماً على نشاطات “الحزب” وممارساته خصوصاً كلما تكشّف أنها تنفيذٌ لتوجيهات ايرانية. والفارق أن موقف دول الخليج لم يبنَ على تلفيق وافتراء، بل على وقائع موثّقة كشفتها الجهات الأمنية أو توصّلت اليها التحقيقات مع معتقلين: تجنيد شباب في دول مجلس التعاون، تهريب أسلحة ومتفجّرات، التحريض على الفوضى والعنف… واذا افترضنا جدلاً أن المجلس الخليجي اتخذ قراره بدوافع سياسية بحتة، فإن مقاربة مجلس وزراء الداخلية العرب ليست سياسية فقط. الواقع أن كلا المجلسين تأخر أعواماً في ابداء هذا التقويم ولم يحسم موقفه إلا بعدما تجاوز هذا “الحزب” كل الخطوط الحمر. فبماذا يمكن أن تُعَرَّف أي مجموعة مسلّحة (“لبنانية”؟) تقتل هنا وهناك وتدرّب على القتل والتخريب، إلا بأنها ارهابية؟ وما الفارق بينها وبين أي مجموعة اخرى سواء كانت “داعش” أم “القاعدة” ؟

في الردّ على القرار الخليجي – العربي أكد حسن نصرالله الاتهامات الموجهة الى حزبه، اذ قال إنه أرسل مقاتلين الى البوسنة فهل يُستغرب أن يقصدوا سوريا والعراق واليمن؟ لم يذهبوا الى البوسنة تطوّعاً أو بدافع “انساني واخلاقي وديني”، كما قال، وانما بإيعاز ايراني، كما كان معروفاً آنذاك، وليست هذه المرّة الأولى التي يقلب فيها نصرالله الحقائق.

في ردّه أيضاً، أعاد الى الواجهة قتال حزبه ضد اسرائيل، ولا أحد ينكر هذا الانجاز، الذي جيَّره “الحزب” لمصلحة مشروع الهيمنة الايرانية فيما يدّعي أنه لمصلحة فلسطين وشعبها. الأسوأ أن يصوّر نصرالله قتال حزبه ضد الشعب السوري، مثله مثل نظام بشار الاسد والميليشيات العراقية والافغانية و”داعش”، كذلك قتاله ضد الشعب اليمني، وضد السعودية، بأنه في السياق “القومي والعروبي والانساني والاخلاقي والديني” لقتاله ضد اسرائيل… هذا يسمّى خداعاً وليس إفحاماً، فـ “الحزب” تنكّر بنفسه لتضحياته وللاحترام الذي احيط به في مقاومته لاسرائيل، وليس له أن يختبئ الآن وراء هذه المقاومة واستخدامها للتغطية على جرائمه.

“النأي بالنفس” اللبناني ازاء أي ادانة عربية لـ “حزب الله” ليس قراراً سيادياً ولا اقتناعاً وطنياً، انه بالأحرى مؤشّر الى أن ارهاب هذا “الحزب” فعل فعله في جعل لبنان بلداً لا معنى له. لم يسترشد اللبنانيون بالتعريف الاميركي او الاسرائيلي للارهاب، ولا انتظروا القرارين الخليجي والعربي، فالارهاب يقاس بمفاعيله المعاشة ونتائجه السياسية والاقتصادية المدمّرة وبتعطيله الدولة واختراقه للجيش بأجندته المذهبية، وهذا واضح في لبنان منذ غزو “حزب الله” بيروت في 7 ايار 2008. هذا الغزو الارهابي هدّد نصرالله في لقاءات خاصة بتكراره، وقد استبعده في خطابه الأخير لكن العتب على مَن يصدّق. واذ لم يكن ذلك الغزو ارهاباً فما عساه يكون؟