IMLebanon

لولا سلاح “حزب الله” لكانت 14 آذار حقّقت أهداف جمهورها وتطلّعاته…

من الإنصاف القول إن قوى 14 آذار حقّقت أهم إنجاز إذ استطاعت إخراج القوات السورية من كل لبنان وواجهت سلاح “حزب الله” بالصبر والصمود رداً على سياسية الاغتيالات لأنها وجدت نفسها بين خيارين: إمّا أن تواجه السلاح بالسلاح فتقع الفتنة المدمرة للبنان، وإما أن تعتمد سياسة سلاح الموقف لتجنيب لبنان الكارثة وإن على حساب آمال جمهورها وتطلّعاته.

لذلك يمكن القول إن قوى 14 آذار ليست وحدها الخاسرة أمام سلاح “حزب الله” لأنها لم تتمكّن من تحقيق أهدافها كاملة، وفي مقدمها اقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها فلا يكون دولة سواها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها، إنما لبنان بكل فئاته هو الخاسر. فلولا السلاح خارج الدولة لكانت قوى 14 آذار حققت أهدافها وآمال جمهورها في غضون سنة واحدة، ولم تستطع ذلك حتى بعد مرور 11 سنة على انتفاضتها الشعبية التي سميت “ثورة الأرز”.

إن السلاح خارج الدولة كان دوماً سبباً لضعفها وعجزها عن تطبيق القانون على الجميع، فحتى عندما كان السلاح الخفيف في قرى جرود لبنان كان الأمن فيها يتم غالباً بالتراضي… ولم تقم في لبنان دولة قوية لا يستطيع أحد الاستقواء عليها منذ عام 1975 وذلك عندما انتشر السلاح على اختلاف أنواعه في أيدي الميليشيات المذهبية التي تقاسمت السيطرة في ما بينها على المناطق. فالرئيس الياس سركيس لم يكن رئيساً يحكم بل كان رئيساً تحكمه الميليشيات… فتحوَّل اهتمامه نحو العملة الوطنية وعمل على المحافظة عليها ومنعها من الانهيار. والرئيس الياس الهراوي وبعده الرئيس اميل لحود حكما لبنان بقوات سورية مستعارة وليس بقوات لبنان الذاتية. ولم يستطع الرئيس ميشال سليمان إقامة الدولة القوية المنشودة بسبب وجود السلاح غير الشرعي خارجها وتحديداً سلاح “حزب الله”، وسوف يبقى لبنان بلا دولة في عهد أي رئيس إذا بقي هذا السلاح الذي لولاه لكانت قوى 14 آذار قد جاءت برئيس للجمهورية منها، ولكانت شكلت حكومة من الأكثرية النيابية التي فازت بها في انتخابات 2009، ولما كان هذا السلاح فرض عليها تشكيل حكومات أضداد منها ومن الأقلية فكانت حكومات فاشلة وغير منتجة، ولما كان “حزب الله” قرر بمعزل عن الحكومة وهو ممثل فيها، وبمعزل عن الجيش والشعب التدخّل عسكرياً في الحرب السورية لمساندة نظام ينقسم حوله اللبنانيون انقساماً حاداً. ولولا السلاح لاستطاع لبنان تطبيق سياسة “النأي بالنفس” عما يجري حوله ترجمة لما جاء في “إعلان بعبدا” الذي يبقى وحده خشبة الخلاص للبنان وحامياً لوحدته الوطنية التي تتزعزع كلّما انحاز قادة فيه إلى محور وآخرون إلى محور آخر، ودفع لبنان ثمن ذلك اضطرابات سياسية وأمنية واقتصادية تذهب به إلى المجهول. ولولا السلاح خارج الدولة لكانت قامت في لبنان دولة منذ عام 2005 وعلى إثر خروج أو إخراج كل القوات السورية منه، ولما كان حلَّ محل هذه القوات سلاح يمتلكه “حزب الله” وحده ليصبح هو الآمر الناهي وكأن لا وجود لدولة في لبنان ولا شريك لهذا الحزب في الوطن له رأيه أيضاً ومواقفه كما يقضي بذلك العيش المشترك، وان أي انتخابات نيابية تجرى في ظل هذا السلاح تبقى انتخابات مشكوك في نزاهتها وفي صحة تمثيلها لارادة الشعب، فلا أمل إذاً في التخلص من هذا السلاح إلا بالتوصّل إلى تسوية أو حل للأزمات التي تعصف بالمنطقة، لأن لبنان غير قادر على التخلّص منه إلا بالعودة إلى الحرب الداخلية التي قد لا تنتهي بغالب ومغلوب بل تنتهي بمغلوب واحد هو لبنان وشعبه.

لذلك ليس على الدول الشقيقة والصديقة ان تعاقب لبنان على ما يقوم به سلاح “حزب الله” سواء في الداخل أو في الخارج ويسيء الى علاقاته بها، انما مساعدته على التخلص منه ليس بمواجهة السلاح بالسلاح لتدمير لبنان إنما بجعل إيران تقتنع بأن هذا السلاح انتهى دوره ووظيفته كما كل سلاح خارج أي دولة في المنطقة لتصبح العلاقة المستقرة بين دولة ودولة وليس بين دولة وأحزاب أو ميليشيات، فلا يكون عندئذ استقرار وازدهار بل اهتزاز وانهيار. هذه هي الخدمة الجلّى التي تقدمها الدول الشقيقة والصديقة للبنان لتجعله يرتاح ويريح، وعسى أن يكون انسحاب روسيا عسكريّاً من سوريا بداية الغيث.