يعرف القاصي والداني أنّ في لبنان مشكلةً حادةً بين إيران والمملكة العربية السعودية، اسوة بما بينهما من مشاكل حادة في أقطار عربية عديدة مثل سوريا والعراق والبحرين واليمن…
وعليه فإنّ البلد مقسوم في اتجاهين: فريق مع إيران وفريق مع السعودية.
من هذا المنطلق ننظر الى موقف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في المؤتمر الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في إطار جامعة الدول العربية في القاهرة، ننظر إليه بكثير من الاستغراب والاستهجان.
ونود أن نقول إنّ جميع التبريرات التي أُعطيت لم تقنعنا على الإطلاق… لأننا بالرغم من ذلك كله نجد أنّ في هذا الموقف إنحيازاً الى إيران.
وفي تقديرنا كان من الأفضل أن يتغيّب لبنان عن حضور الاجتماع… لأنّ الموقف الذي اتخذه جبران باسيل لا نقرأه إلاّ من زاوية تسويق العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية…
وفي رأينا أنّ أضعف الإيمان هو الوقوف الى جانب المملكة العربية السعودية من دون أي تحفّظ أو من دون التمنع عن التصويت الذي هو أسوأ من التغيّب عن الاجتماع.
إنّ مجموعة من الدول العربية والتي لها مصالح مباشرة مع إيران مثل العراق على سبيل المثال لا الحصر حدّدت موقفها الى جانب المملكة العربية السعودية، بينما تفرّد الوزير باسيل في ما يعني خروجاً على الإجماع العربي… علماً أنّه ليس لنا أي مصلحة مع إيران… وما يوجد من مصالح هو محدود بين فئة وطهران، أي بين «حزب الله» وإيران.
أمّا نحن فمصلحتنا هي مع المملكة العربية السعودية التي لها على لبنان الكثير ولم تطلب منه في المقابل شيئاً… وهي التي قدّمت له الهبات المعروفة بالمليارات للجيش والقوى والأجهزة الأمنية، وسبق أن وضعت الودائع في مصرف لبنان لدعم الليرة اللبنانية ومالية لبنان عموماً.
والأهم من ذلك كله هو الـ500 ألف لبناني الموجودون في المملكة وسواهم في بلدان خليجية مثل 50 ألفاً في الكويت وحدها… فيعملون ويحوّلون سنوياً المليارات الى ذويهم ومدخرات لهم في المصارف اللبنانية، ولولاهم لكانت الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية قد تفاقمت نتائجها السلبية.
ويبقى أن اجتماع مجلس الجامعة العربية، على مستوى وزراء الخارجية، لم يكن اجتماعاً عادياً بل هو استثنائي عقد «في ضوء التصعيد الخطير الذي قامت به الجمهورية الاسلامية الايرانية والذي تمثل في الإعتداء السافر على مقر سفارة المملكة العربية السعودية في طهران ومقر بعثتها القنصلية في مشهد والذي وقع تحت مرأى ومسمع من رجال الأمن والحكومة الايرانية، على حدّ ما قال رئيس الجلسة وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وقد دعا في كلمته الافتتاحية الى «تأكيد الموقف العربي الحازم والحاسم الذي يرفض رفضاً قاطعاً أن تكون شؤوننا وشجوننا محل تدخل(…) إنّ قوة العرب في وقفة واحدة وصارمة مع إخوانهم في المملكة»…
هذا ما قاله الشيخ عبدالله بن زايد… ولكن لم تكن لجبران باسيل اذان صاغية!