Site icon IMLebanon

لو كان روحاني “إصلاحياً” لرفضَه “المُرشِد”!

عقَّبتُ على كلام المسؤول الكبير السابق نفسه في “إدارة” أميركية مهمة والمسؤول حالياً في مركز أبحاث مهم في واشنطن، عن إيران وروسيا، قلتُ: أوافق على بعض ما قُلتَ، لكن أَعتقد أن هناك مبالغة فيه. فاعتبار أميركا متهالكة على سلام مع إيران، واعتبار إيران قوية جداً ورابحة في غير محلهما. دعني أقول لك إن إيران الآن، وليس بسبب النووي بل لأسباب أخرى منها “الربيع العربي”، انتقلت من الهجوم إلى الدفاع. فهي كانت تسيطر على سوريا والعراق باستثناء أكراده، علماً أن علاقتهم بها جيدة، وعلى لبنان. وكانت صاحبة مونَة كبيرة على “حماس”. بعد الربيع المذكور فقدت قسماً كبيراً من ورقة سوريا، وكان يمكن أن تفقدها كلها لولا تدخُّلها بالخبراء والمستشارين، ولولا مساعدتها نظام الأسد بالسلاح والمال، ولولا مقاتلو “حزب الله”. ذلك أن سقوط النظام كان سهلاً لو غاب ذلك كله. في لبنان “حزب الله” هو الأقوى. لكن لا مصلحة له في الانجرار إلى حرب أهلية. والشيعة والسنّة فيه متساويان تقريباً ديموغرافيا. أي نصف لبنان مع إيران ونصفه الآخر ضدها. “حماس” لم تعد ورقة في يد إيران رغم استمرار الاتصالات الخجولة بينهما، علماً أن الدافع إلى استمرارها حاجة الحركة الفلسطينية إلى الدعم المالي، وحاجة إيران إلى شعار فلسطين في صراعها الاقليمي – الدولي، وفي سعيها الى تنفيذ مشروعها السياسي الواسع. أما في العراق فقد أخرج “داعش” النفوذ الإيراني من الوسط السنّي. ولا أعتقد أن عودته إلى هذه المنطقة ممكنة سواء بقي “داعش” فيها أو أُخرج منها. هذا ما يراه سنّة العراق والسعودية. أميركا تؤيد ذلك من خلال إصرارها على مشروع “الحرس الوطني” وعلى تمثيله فعلاً المناطق التي يُكلَّف حمايتها. وتحرُّك الحوثيين في اليمن كان ردّ فعل إيراني على ما حصل في العراق (قبل “عاصفة الحزم”). لكن ذلك لن يضع اليمن تحت سيطرة إيران بل يُدخل اليمن حرباً أهلية لا يستطيع جواره السنّي البقاء بمنأى عنها. والقتال الذي تستمر إيران في خوضه في الدول الاربع المذكورة أعلاه، وإن من موقع دفاعي، هو “تفاوض على الحامي” يواكب التفاوض “السلمي” الجاري بينها وبين المجموعة الدولية 5+1. لماذا لا تفعل أميركا مثلها؟ أي لماذا لا تفاوضها على الحامي أيضاً؟ سألت.

أجاب المسؤول الكبير السابق نفسه: “في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009 قُمعت حركة الإصلاح الخضراء بعد احتجاجها على “تزوير” لمصلحة الرئيس الساعي إلى تجديد ولايته في حينه محمود أحمدي نجاد. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة ترشَّح 876 شخصاً. قُبِلت ترشيحات ثمانية منهم فقط أو ربما أقل، ذلك أن مجلساً مختصّاً اعتبرهم غير مؤهلين للترشيح. يعني ذلك أنه لو كان المرشح روحاني إصلاحياً كما يُقال لما تركه المرشد خامنئي في لائحة المقبولة ترشيحاتهم”. علّقتُ: أولاً دعني أقول لك إن في لبنان عام2009، وخصوصاً في أوساطه الشيعية وتحديداً في أوساط “حزب الله”، كان هناك نوع من الاحترام والتأييد أو بالأحرى التحبيذ للمرشح موسوي، الموضوع منذ تحريكه الشارع احتجاجاً على نتائج الانتخابات وبسبب ذلك في الإقامة الجبرية. كان في رأيهم ابناً للنظام وموثوقاً. وذلك صحيح. ثانياً روحاني لم يكن مرشح خامنئي الذي كان له مرشح آخر. لكنه فاجأ الجميع وفاز من الدورة الأولى. وقبله المرشد لأنه مطابق للمواصفات. روحاني نسّق حملته الانتخابية مع رفسنجاني. وذلك ليس تهمة لانه جزء من النظام رغم اختلافه مع المرشد والمحافظين. وربما كان على اتصال مع الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي. لكنه بقي ابن النظام في نظر الجميع. ولا يمكن اعتباره عضواً في الاحتجاج الإصلاحي المستمر حتى الآن. وقد صارح خامنئي برغبته في الانفتاح على الداخل والعالم كما جاء في “موقف” سابق، وأكَّد له حرصه الدائم على الحصول على موافقته على كل ما يفعله وعلى التزامه بتوجهاته. صحيح أن الحكم في إيران غير ديموقراطي بالمقاييس الغربية ويعتبره الكثيرون في العالم مستبدّاً. لكنه رغم ذلك أفرز ومن داخله نظام الحزبين وإن لم يُعلنا في صورة رسمية. ولم يقضِ المرشد على ذلك. وأعطى ذلك انطباعاً عن ديموقراطية ما وإن منقوصة باقتصارها على جماعة النظام، وبعدم قوننتها رسمياً كما كان يُؤمل عام 2009.

ردّ المسؤول الكبير السابق نفسه: “أنا أوافق على ما قلتَه. وتفاوض أميركا مع إيران على الحامي أنا معه. لكنني أعتقد أن على الإدارة وتحديداً على أوباما أن يتفق مع الكونغرس على خطة واضحة في شأن النووي الإيراني، وعلى تنفيذها وعلى موعد ذلك، كما على موعد رفع العقوبات ووقف الإرهاب”.

ماذا على الرئيس أن يفعل أيضاً؟ سألتُ.