لا صوت يعلو فوق صوت الإنتخابات النيابية، فاللبناني شغوف بالإنتخابات حتى لو كان لا يملك ثمن وجبة غداء، فالسياسة في دمه والإنتخابات هي العروق التي يجري فيها هذا الدم.
منذ تشكيل هذه الحكومة، قيل عنها إنَّها حكومة انتخابات نيابية بامتياز، ها هو رئيس الحكومة سعد الحريري يقول بالفم الملآن:
أؤكد أنَّ أوليات عملنا في الحكومة هي إجراء الإنتخابات النيابية ولن يكون على جدول أعمالنا، لا تحت الطاولة ولا فوق الطاولة، أية نوايا أو أية رغبة في التمديد للمجلس النيابي. كل القوى السياسية المتمثلة في الحكومة معنية بترجمة هذا التوجه، بمثل ما هي معنية بالتوافق على انتاج قانون جديد للإنتخابات، يعتمد المعايير الموحدة التي تضمن عدالة التمثيل.
قبله، وأمام السلك الدبلوماسي، أعلن رئيس الجمهورية عن أنَّ الإنتخابات ستجري وفق قانون جديد.
لكنَّ الإنتخابات في نهاية المطاف أرقام وحسابات ومواعيد، ومن دونها لا يمكن إجراؤها، فماذا عن هذه الثلاثية؟
ولاية مجلس النواب الحالي تنتهي في منتصف ليل 20 حزيران 2017، أي أنَّه متبقٍّ من عمر المجلس النيابي الحالي خمسة أشهر عداً ونقداً.
بموجب القانون يُفترض أن تجري الإنتخابات النيابية في مهلة الستين يوماً من انتهاء ولاية المجلس، أي بدءاً من 20 نيسان، والمهلة المتبقية حتى ذلك التاريخ هي ثلاثة أشهر بالتمام.
يُفتَرض أن تجري الإنتخابات بموجب قانون. باليد اليوم قانون الدوحة فيما عشرة مشاريع قوانين على الشجرة، إذا لم يتم قطف قانون من هذه القوانين، فإنَّ الحكومة مجبرة على إجراء الإنتخابات وفق القانون الذي هو باليد، الذي هو قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين.
كل القوى السياسية جاهرت برفضها قانون الستين باستثناء النائب وليد جنبلاط الذي تجرَّأ وقال إنَّه لا يمشي لا بالنسبية ولا بالمختلط بل بقانون الستين، وحجته في ذلك ما أعلنه النائب والوزير السابق غازي العريضي بعد اجتماع وفد اللقاء الديمقراطي بالرئيس عون:
وفق التمثيل الطائفي هناك 8 نواب للطائفة الدرزية، 4 نواب منهم لا ينتخبهم الدروز أي نصف عدد نواب الطائفة، ما عدا الشوف وعاليه، أي أنَّ النواب الأربعة الذين لا ينتخبهم الدروز هم:
نائب بيروت، نائب حاصبيا، نائب البقاع الغربي، نائب بعبدا، أما الذين ينتخبهم الدروز فهما نائبا الشوف ونائبا عاليه.
هذا الواقع دفع النائب جنبلاط إلى رفع الصوت، فهل سيتم التجاوب مع صرخته؟
في المقابل يرفض رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة قانون الستين، فكيف سيتم التوفيق بين ما يرفضونه وبين ما يرفضه النائب جنبلاط؟
جنبلاط يتسلّح بما ورد في الطائف حيث لم ترد كلمة نسبية في الطائف بل إنَّ ما ورد كان:
تجري الإنتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة:
يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله وفعالية ذلك التمثيل، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات.
لا ذِكر للنسبية أو للمختلط في هذا النص، بل على أساس المحافظة بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري.
وسط كل هذه المشاريع والشروط فإنَّ الإنتخابات النيابية ستكون وفق الحصيلة التالية:
لا إنتخابات على أساس الستين بل وفق قانون يراعي هواجس الأقليات، وفي هذه الحال فإنَّ ورشة إنجاز القانون تستدعي تأجيلاً تقنياً للإنتخابات، وهذا التأجيل سيكون بنداً في القانون الجديد.