IMLebanon

لو أن لبنان التزم سياسة النأي بالنفس إيران ربطت مصير الرئاسة بمصير الأسد!

يتساءل الناس، العاديون منهم وغير العاديين، هل يعقل أن تكون ايران قادرة وحدها على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية والى أجل غير معروف، ولا يكون في وسع أي دولة من الدول المؤثرة والتي تدعو بالحاح الى انجاز الاستحقاق الرئاسي، أن تغير موقفها وأقله فصل ازمة الانتخابات الرئاسية عن ازمات دول المنطقة ولاسيما الازمة السورية؟

يقول سياسي مخضرم إن ما جعل حل الازمات في لبنان مرتبطاً بحل ازمات في دول المنطقة هو ارتباط قادة فيه بخارج الى حد الارتهان له والتزام ما يقرره، عدا أن وجود سلاح خارج الدولة يساعد هذا الخارج على التدخل في شؤون لبنان الداخلية والاستقواء به على الدولة اللبنانية وتعطيل قراراتها أو الحؤول دون تنفيذها. فالسلاح الفلسطيني في لبنان وكان خارج إمرة الدولة ربط حل ازمة لبنان بحل القضية الفلسطينية وحال دون اجراء محادثات مع اسرائيل لاستعادة ارضه المحتلة ما لم تتناول هذه المحادثات تحرير الاراضي الفلسطينية لانه بتحريرها يستطيع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان العودة الى ديارهم، وإلا ظلوا عبئاً عليه وعلى تركيبتـــه الديموغرافية اذا ما تحـــوّل استيطانهـم الى توطين، وعندها تصبح وحدة لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات معرضة للتقسيم.

وعندما خضع لبنان للوصاية السورية واصبحت هي الآمر والناهي فيه بات تحرير اراضيه التي تحتلها اسرائيل مرتبطاً بتحرير الجولان السوري، مع ان لكل من الاحتلالين وضعاً مختلفاً، ومهمة القوات الدولية في جنوب لبنان ليست كما هي في هضبة الجولان، كما ان قرارات مجلس الامن الدولي تختلف بمضمونها في ما يتعلق بالجنوب وبالجولان السوري. ومع ذلك لم يتمكن لبنان من تحرير ارضه المحتلة بمعزل عن سوريا وتحت شعار “تلازم المسارين” لا بل تلازم المسار والمصير بين البلدين. واليوم ربط وجود سلاح “حزب الله” خارج الدولة ازمة الانتخابات الرئاسية في لبنان بالازمة السورية المعقدة ومصير الرئاسة فيها بمصير الرئاسة في لبنان. وكما كان للقيادة الفلسطينية كلمة في الانتخابات الرئاسية في لبنان وفي غيرها من الشؤون الداخلية نظراً الى وجود سلاح خارج سلطة الدولة، كان لوجود القوات السورية ايضاً في لبنان الكلمة العليا فيها. والكلمة حالياً هي لايران نظراً الى وجود سلاح “حزب الله” الممول منها والخاضع لامرتها، ولأن مصلحتها هي في جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان ورقة ضاغطة في يدها، فقد ربطتها بورقة الحل الشامل في سوريا وحتى بمصير الرئيس بشار الأسد بالذات، حتى اذا استطاعت ابقاءه في الحكم من خلال أي حل في سوريا، تساهلت ايران في حل ازمة الانتخابات الرئاسية في لبنان وفي اختيار الرئيس المناسب للظرف المناسب. أما اذا لم تستطع ابقاء الرئيس الأسد في الحكم فسيكون لايران موقف آخر من لبنان كأن يكون الرئيس موالياً لها ولخطها السياسي ومع محورها في المنطقة تعويضاً لما قد تخسره في سوريا.

لذلك يمكن القول إن القادة في لبنان الذين ربطوا قرارهم بخارج هم الذين يتحملون مسؤولية ما آل اليه لبنان، اذ انهم كانوا مع القيادة الفلسطينية ولم يكونوا مع السلطة اللبنانية، واستقووا بالسلاح الفلسطيني على سلاح الدولة فكانت حرب السنتين، ثم ربطوا قرارهم بالقيادة السورية ولم يتفقوا على وقف الاقتتال الا بعد تدخل عسكري سوري فرض وصاية على لبنان مدة 30 عاما. وها ان بعضهم يربط الآن مصير الرئاسة الاولى فيه بمصير الأزمة السورية مستفيداً من وجود سلاح “حزب الله”. فلو ان لبنان التزم سياسة “النأي بالنفس” التي اعتمدتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ولم يلتزمها “حزب الله”، لما كان لبنان يعاني اليوم ما يعانيه، ولما كان في حاجة الى انتظار كلمة اي خارج، ولاسيما ايران، لانتخاب رئيس للجمهورية. فتدخل “حزب الله” عسكرياً في سوريا أخرج لبنان عن حياده وربط حل أزماته بحل الأزمة في سوريا. اما مواجهة الارهاب اذا ما هدد لبنان، فما كان في حاجة للدخول الى “وكره” في سوريا، بل حصر هذه المواجهة عند الحدود بقوة الجيش ومقاومة كل اللبنانيين لأن في الوحدة انتصارا وفي الانقسام انكساراً.