IMLebanon

الجيش إذا سقط..؟!

وانا اقرأ التعليقات السامّة غير المسؤولة التي تناولت الجيش اللبناني مؤخراً في وسائل التواصل الاجتماعي، والكتابات التي ظهرت في احدى الصحف اليومية، فضلاً عن مواقف بعض الذين ادمنوا الشتائم والاتهامات في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، وجميعها تعمل لجرّ الجيش الى معركة لم يخطط لها في الزمان والمكان المناسبين، مع الأخذ في الحسبان حياة العسكريين الرهائن لدى «جبهة النصرة» و«داعش» ، تذكّرت حملات مشابهة في الشكل والمضمون، تعرّض لها اثناء الاحداث في عرسال وطرابلس وعكار وعبرا، حين ارتفعت اصوات رجال دين تتهم الجيش بمعاداة السنّة، وتحرّض على الانشقاق، كما عادت بي الذاكرة الى الماضي البعيد، الى بدايات الحرب في لبنان، عندما نجح الفلسطينيون في شق الجيش وتحييد معظمه عن حماية المواطنين، بحجَّة ان الجيش هو جيش المسيحيين، وساعدهم في ذلك ائتلاف «الحركة الوطنية» مع فريق كبير من السنّة اعتبروا يومها ان الميليشيات الفلسطينية هي جيش المسلمين، مع ان الجيش كمؤسسة وطنية، كان سابقاً وهو اليوم، وسيبقى غداً الجيش الوطني الذي يقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، ولا همّ له سوى ان يمتلك السلاح والعتاد اللازمين ليقوم بواجبه كاملاً في حماية لبنان من اي اعتداء او عدوان خارجيين، وفي ضمان السلم الاهلي ومنع التقاتل الداخلي وانتصار فريق على آخر بقوة السلاح، وهو لا يتمنّى في سبيل تحقيق هذا الهدف سوى ابعاد المؤسسات العسكرية عن التسييس والتطييف والمذهبة، واطلاق يده على كامل التراب اللبناني، قوّة شرعية وحيدة مع مؤسسات قوى الأمن الداخلي.

* * * *

أي اضعاف لدور الجيش ووحدته ومعنوياته، في الظروف المتفجّرة في سوريا والعراق واليمن، والتي تأخذ منحى تصاعدياً سريعاً باتجاه «التقسيم المذهبي» لعدد من الدول العربية، سيدخل لبنان وبسرعة في لعبة «الفرز والضمّ» الدولية، لأن الداخل اللبناني الموبوء بالخلافات السياسية والطائفية والمذهبية، سيكون عاملاً مساعداً على نجاح الشرذمة، وسيقف الجيش عندها عاجزاً عن القيام بأي دور مؤثر، اذا لم يرعوِ البعض عن اضعافه بمختلف وسائل الاضعاف، وفي مقدمها الحملات الاعلامية الموسمية المسمومة.

ان القرار العربي الاقليمي الدولي – على ما يشاع – بعدم نقل المعارك السورية الى لبنان، ليس قراراً مقدساً ولا منزلاً، بل هو قابل، في اي لحظة مؤاتية للمصالح الدولية او الاقليمية، الى التعديل او الالغاء، وعندها سيكون البكاء وصرير الاسنان، والندم، عندما لا يعود ينفع.