ما هذا البلد العجيب؟
بلدٌ يعيش على كفِّ عفريت ولا يُعرَف متى ينفجر، لألف سبب وسبب، تجد بعض مَن فيه يمارسون ترف الفساد في حدوده القصوى، وكأنَّ لا رادعاً ولا وازعاً ولا قانوناً يحمي الضحايا من المواطنين من جراء هذا الفساد؟
***
ما هذا البلد العجيب؟
على المواطن أن يختار فيه بين الموت هلعاً من جراء الأحداث المتسارِعة التي تمرُّ وفيه وحوله، وبين الموت تسمّماً من جراء لا ضمير البعض ممن هم في مصاف أصحاب متاجر المواد الغذائية، أو مصانع هذه المواد أو المطاعم.
***
ما هذا البلد العجيب الذي رغم كلِّ الإجراءات فيه فإنَّ هناك مَن يتجرَّأ على الإمعان في المخالفات وكأنَّ ليس هناك من حسيب أو رقيب.
إنَّه بلدُ العيِّنات المستخرجة غير المطابِقة لأي مواصفات.
إنَّه بلدُ منعِ الإرتياح عن المواطن في أيِّ تفصيلٍ من يومياته.
***
بإمكان أي مواطن عادي أن يستخرج في يومٍ واحد عشرات العيِّنات من ملفات الفساد غير المطابقة للشفافية، سواء من المرفأ أو من المطار أو حتى من بعض الوزارات، فمن العيِّنات غير المطابِقة للمواصفات قرارات وزارية تضع مصلحة المواطن في الدرجة الدنيا، بدل أن تكون هذه المصلحة في الدرجة الأولى. ومن الأمثلة على هذه العيِّنات أنَّه حصلت تغييرات على جدول تركيب أسعار المحروقات، فحُرِم المواطن من نعمة التخفيضات التي كان يحلم فيها من أكثر من ستة أشهر، والمضحك – المبكي في هذا المجال أنَّ وزير الطاقة الذي لم يُسمَع له حس منذ دخوله جنة الحكومة، هو الذي اتخذ هذا القرار غير المطابِق وكأنَّه لم يدخل الحكومة إلا من أجل هذا القرار!
***
عيِّنةٌ أخرى من عيِّنات الفساد المستشري في البلد:
محاولة إدخال مواد ممنوعة مخالفة للقوانين، وغير مصرح عنها، وتلاعب بالبيانات والأرقام الجمركية.
لم تقتصر الفضيحة على هذا الحد، طرود ببضاعة طُلِب أن تُحجَز فتمت مخالفة كلِّ التعليمات:
تبيّن أنَّ خمسين طرداً من أصل 99 أخرجت بعدما أعطى وزير المال علي حسن خليل أمراً بإبقائها في المطار إلى حين وصوله للتثبت من محتوياتها، لكن على رغم ذلك فإنه تمّ إخراج البضاعة، والمهزلة الكبرى أنَّ هناك تحقيقاً فُتِح في القضية وكأنَّ ليس هناك تاجراً أو تجاراً استوردوا هذه البضاعة، فلماذا لا يتمُّ توقيفهم حتى لو توارت البضاعة؟
إنَّها الفضيحة الكبرى!
عينةٌ أخرى غير مطابقة هي أنَّ هناك تصريحاً عن أنواع من البضاعة استبدلت أو بداخلها بضاعة أخرى وهي بحاجة إلى إذن للسماح لها بالدخول، ثم أنَّ الضريبة الجمركية بشأنها مختلفة لكون قيمتها أعلى من القيمة المحدَّدة بكثير!
***
أحدهم كان يقول:
البلد غير مُفلِّس، البلد مسروق.
إنَّه على حق، فلتُستَرَد المسروقات، وعندها يكون البلد بألف خير.