Site icon IMLebanon

لو كانت الحكومة مجلساً بلدياً لكانت هزمت شرّ هزيمة ؟!

شجاعة من رئىس الحكومة تمام سلام، الاعتراف بأن التاريخ سيشهد بأن حكومته هي «الافشل والاكثر فساداً» بين الحكومات التي شهدها لبنان في مختلف العهود، وهذه النتيجة التي وصل اليها سلام، سبق لنا وسجلناها في عدد من المقالات التي اثارت في حينه عتب بعض الوزراء واحياناً غضبهم، لكن كان من غير الممكن ان تختبىء هذه الحقيقة وراء خيال اصبعهم، لأن «الشمس طالعة والناس قاشعة» ولأن المواطنين يعيشون اسوأ ايامهم واصعبها في ظل هذه الحكومة التي «شرشحت» الحكومات في كل زمان ومكان، لكن ليت سلام يكمل معروفه، وينتهز فرصة يأسه من حكومته، ويذهب بشجاعته الى خواتيم الامور، ويرمي استقالته بوجه جميع الفاشلين والفاسدين، على قاعدة، لكم حكومتكم ولي حكومتي، ويضع كل فاشل وفاسد ومعطّل لقيام الدولة امام مسؤولياتهم، ويجعل من الذكرى الثانية للفراغ في قصر بعبدا، مضبطة اتهام، بحق كل من ساهم في القول والفعل والفكر، في ايصال لبنان الى ما وصل اليه اليوم، اما التذرّع بان المصلحة الوطنية تقضي باستمرار هذه الحكومة، التي وسمها رئىسها بطابع الفساد والفشل فهو مشاركة ضمنية بالفشل والفساد والتعطيل، وباعطاء الفاشلين والفاسدين والمعطّلين فرصة اكبر للاستمرار بهذا النهج التدميري لمقوّمات الدولة ومؤسساتها.

في محاولة منه لتقويم اعوجاج الحكومة، واستعادة المبادرة والصلاحيات المصادرة من عدد من الوزراء، هدد سلام في اكثر من مناسبة بالاستقالة، ووضع لها مهلاً زمنية، وكان يتراجع تحت ضغوط النصائح التي يأتي معظمها من المستفيدين من بقاء الحكومة بقرة حلوباً، وكان سلام يتراجع عن عزمه خوفاً من دخول لبنان في المجهول، ولكن الحاضر المعلوم والمعيوش، يماثل في الخطورة، ان لم يكن اكثر، المستقبل المجهول، لأنه على الأقل تتحوّل هذه الحكومة الى حكومة تصريف اعمال، فيتوقف الفشل لأن من لا يعمل لا يفشل، ويتوقف بنسبة عالية الهدر والفساد، بتوقف مزاريب وزارة المال، الاّ للضروري الذي يتمّ بمعرفة رئىس الحكومة وموافقته، وقد تكون هذه الحالة غير الطبيعية المتمثلة بالفراغ شبه الشامل بمؤسسات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، مناسبة ليعيد الجميع حساباتهم ومواقفهم، ويتنازلوا للدولة والوطن والشعب عن تصّلبهم القاتل، ويأخذوا العبرة من عملية القتل العمد، التي حصلت مؤخراً، وحوادث القتل المتعددة التي ازهقت ارواحاً بريئة، بفعل رصاص الحقد والثأر في الاولى، وبفعل الرصاص الطائش في الثانية، وكلها تكشف عن تمريغ هيبة الدولة في وحل المذهبية والطائفية من جهة، ووحل الحمايات المرفوعة فوق رؤوس المجرمين من جهة، ووقوع المواطنين الابرياء المسالمين، فريسة هؤلاء من جهة، وفريسة الدولة التي لا تستقوي الا على هؤلاء المسالمين المساكين.

لماذا الاصرار على بقاء حكومة، غير قادرة على حماية المواطنين، وغير قادرة على حماية اموالهم وتعبهم وعرقهم، وغير قادرة على طمأنتهم الى مستقبلهم، وغير قادرة حتى على حمايتهم وهم خارج لبنان، وغير قادرة على تأمين الحد الادنى من متطلبات الحياة اللائقة، وغير قادرة على الوقوف في وجه النازحين واللاجئين والطارئين.

ونحن على مشارف المرحلة الاخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية، اراهن على حياتي. ان هذه الحكومة، لو كانت مجلساً بلدياً كانت هزمت شر هزيمة في صندوق الاقتراع من الناس.