IMLebanon

إذا لم يجدوا قضايا خلافية إخترعوا ما يختلفون عليه

ما أكثر ما يختلف القوم عليه… بل يصح القول إنه يتعذر إيجاد ما لا يختلفون عليه… أوليس أننا نحن من اخترع الشعار العظيم الآتي: «لقد إتفقنا على ألاّ نتفق»؟! فالخلاف والإختلاف من تقاليدنا. وليس بجديد أن يراوح الحواران مكانيهما. الحوار الثنائي بين حزب اللّه وتيار المستقبل، والحوار الموسّع بين المفترض أنهم رؤساء الكتل النيابية… وهذان الحواران لم يتقدما خطوة واحدة. نقول هذا ليس لأننا ضدّ الحوار، إنما نقوله لأننا حرصاء على أن يبلغ الحوار الحد الأدنى من مداه، فيتم الإتفاق هنا أو هناك على شيء ما، على قضية ما، على مسألة ما، على بند ما.

وبالرغم من إختلافنا المزمن والمستجد على كل شيء فإننا ما زلنا نخترع المواد التي تزيد على خلافاتنا خلافات جديدة. وكم كنّا نود ألاّ نغرق الحوار في متاهات مستحدثة عليه، كتلك التي أُغرق بها من جديد.

والمستحدث في الخلاف (وعلى جدول أعمال الحوار الموسّع) هو: هل قانون الإنتخابات أولاً، أو يتقدم إنتخاب الرئيس على ما سواه؟ وكان بعض أهل الحوار قد رفع شعار الإنتخابات النيابية قبل إنتخابات رئاسة الجمهورية مهما كان نوع قانون الإنتخاب الذي تجرى عمليات الإقتراع بموجبه.

المهم أنّ رئيس مجلس النواب طرح الموضوع على رؤساء الكتل النيابية أو من يمثلهم في طاولة الحوار وقال لهم إنه ينتظر أجوبتهم الرسمية والحاسمة.

والواقع أنّ الأجوبة قيلت داخل جلسة الحوار ذاتها وهي واحدة في مسلسل الجلسات «الحوارية» التي يجيد أبو مصطفى رفعها عندما يكون «الحوار» قد تجاوز ارتفاعاً معيناً في اللهجة التي ما إن ترتفع حتى يضرب بري بمطرقته: رُفعت الجلسة الى موعد لاحق.

هذه المرة الخلاف كان حاداً بين رؤساء الطاولة المسلمين (بجناحيهما: تيار المستقبل وحزب اللّه) والمسيحيين (بأجنحتهم الثلاثة: التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية والكتائب) أما المعروفون بـ»المسيحيين المستقلين» فيميلون الى الفريق الأول ويميل معهم المرشح الرئاسي الوزير سليمان فرنجية الذي أعلن تأييده تشريع الضرورة، بينما إتجه الثلاثي المسيحي الآخر الى رفض تشريع الضرورة وإن بفارق جوهري بين اركانه الثلاثة: فالكتائب ترفضه بالمطلق عملاً بالنص الدستوري الذي يعتبر المجلس في حال إنعقاد إنتخابي دائم حتى إنتخاب رئيس الجمهورية، فلا يقوم بأي مهمّة سوى ذلك… أما التيار والقوات فيوافقان على تشريع الضرورة باشتراط ادراج بند إقرار قانون الإنتخابات بنداً أول على جدول الأعمال!

… والجعبة مليئة بالقضايا الخلافية المزمن منها والمستجد والذي سيستجد!