الحروب التي دارت في جغرافية ما يدعى بالهلال السوري الخصيب، بين دول المنطقة ومصر من جهة، والكيان الاسرائيلي من جهة ثانية، لم تكن حروباً طائفية، قام بها العرب السنّة، ضد اليهود، بل كانت حروباً عربية، شارك فيها المسلمون والمسيحيون على اختلاف مذاهبهم، ضد الصهيونية العالمية التي جندت الدول «الكبرى» الاربع، اميركا والاتحاد السوفياتي وفرنسا وبريطانيا، لسلب فلسطين وطرد اهلها المسلمين والمسيحيين على السواء، وإحلال قسم كبير من يهود العالم مكانهم، والحرب ما زالت مفتوحة مع هؤلاء.. عرب ضدّ اسرائيليين.
الحرب الاخرى التي أُلبستْ لبوساً مذهبية، كانت حرب العراق ضد ايران في سبعينات القرن الماضي، وهي ايضاً كانت حرباً عربية ضدّ دولة فارسية الجذور والتاريخ، حتى ولو تحوّلت بعد الاسلام، الى دولة مسلمة، المذهب الشيعي فيها هو الاكثرية الطاغية على ما عداه، لأن الجيش العراقي يومها لم يعتمد على السنّة فقط لمقاتلة ايران بل على الشيعة العرب والمسيحيين العرب، وعلى الاكراد، سنّة وشيعة، علماً بأن صدام حسين السني وقبله جميع من حكموا العراق كانوا يقاتلون الاكراد، ومعظمهم من السنّة، بصفتهم قوميين اكراد، يريدون بناء دولتهم القومية في قلب دول القومية العربية، ما يؤكد ان الصراع الحالي القائم بين بعض الدول العربية وبين ايران، ليس صراعاً مذاهبياً، بل هو صراع سياسي تاريخي بين قوميتين، نشأ قبل قيام الجمهورية الايرانية الاسلامية، وأخذ شكلاً مذهبياً عندما بدأت ايران تدعم الاقليات الشيعية في الدول العربية معنوياً ومادياً وبالسلاح، ما اعتبره العرب، بداية التمدد الايراني في العالم العربي، واحياء القومية الفارسية الايرانية على حساب القومية العربية التي تمرّ منذ مدة في اضعف مراحل وهجها وقوتها، وتحديداً بعد وفاة الرئىس جمال عبد الناصر، واغتيال الملك فيصل، وانهيار وحدة مصر وسوريا، وزاد تخوّف الدول العربية الجارة لايران، عندما تبنّت ايران الخميني مطامع ايران الشاه في الخليج العربي وجزره.
* * *
بعد تصريحات مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد خامنئي امس، حول عدم رضاه عما توصلت اليه حكومته مع الغرب حول نشاط ايران النووي، والتأنيب الضمني للذين فرحوا بهذا الاتفاق، وتشكيكه بامكان توقيع هذا الاتفاق في الموعد المحدد، وهجومه الشديد على المملكة السعودية، وارسال قطع بحرية حربية الى خليج عدن، هناك احتمال كبير بأن تبدأ طبول الحرب تقرع في منطقة الخليج، وهي ان وقعت ستكون حرب القومية العربية ضد القومية الايرانية، بشرط الا تنخرط فيها دول اسلامية سنية غير عربية مثل تركيا وباكستان واندونيسا، لانه عندها ستكون حربا مذهبية، لن ينجو العالم من شر نتائجها المدمرة، ولذلك فالتعويل الآن على العقل الايراني، والحكمة السعودية لتفادي الكارثة