IMLebanon

“لو” تسحب من التداول!

غالبا ما تشكل المفردات الافتراضية ومشتقاتها اكثر الوسائل الجاذبة اعلاميا وصحافيا لراسمي السيناريوات لكونها اكثر “المواد” استقطابا للرأي العام ومتلقي التشويق. اما في لبنان، فتتحول كلمة “لو” محور إشعال يقيم الدنيا ولا يقعدها على خلفيات الصراع المزمن في البلاد اولاً، ومن ثم بفعل تصاعد الاخطار التي باتت تطرق الحدود الشرقية والجنوبية.

ولعلها مفارقة ساخرة، في زمن يأبى ترف السخرية، ان يتطور الاشتباك الداخلي على وقع معارك الجرود والحدود الى “لو” يشهرها “حزب الله” اسنادا لمشروعية قتاله في سوريا في مقابل “لو” ترفعها قوى ١٤ آذار في مناهضتها لهذا التورط.

لو لم يقاتل الحزب ولو لم يكن في جاهزيته الميدانية ولو لم يصد هجمات الارهابيين في جرود بريتال ولو لم يوجه الرسالة الموجعة الى اسرائيل في لحظة لم تحتسبها… الى آخر ما يمكن استنفاد معجم الاحتمالات الواقعية والمتصورة لكان داعش في بيروت وكل لبنان. هكذا يقول “حزب الله”.

لو لم يتورط الحزب أساسا في سوريا ولو لم يتبع سياساته الأحادية، ولو لم يكن ينفذ السياسات الاستراتيجية الايرانية وتوريط لبنان في حروب الآخرين على ارضه وأرض سواه لما كان الارهاب بتنظيماته المرعبة جنح في اتجاه لبنان. تقول ١٤ آذار.

حتما ليس ثمة أوهام لدى احد في امكان حسم هذا الصراع المحمول بطبقات مزمنة من الخلافات والانقسامات العمودية بين الفريقين او التوهم بأن اشتداد الاخطار قد ينجب تلك الاعجوبة المرتجاة في التوحد ولو موقتا على المواجهة التي تمليها وحدة تعرض لبنان للاستهداف الإرهابي. ولكن هذه الناحية في المشهد الطالع تمثل بعداً أعمق مما يتصوره كثيرون، خصوصا متى اقترن اتساع السجال العام في البلاد بإفراط خطر في التخويف وزيادة الذعر وسط وقائع لا تحتاج الى اي فوائض. فعلى رغم الواقعية التي يجب ان يكون اللبنانيون قد قرأوا معالمها في عدم الاستكانة الى مظلة دولية حامية للبنان وحدها، لا تزال مفردات الديبلوماسية الدولية اكثر تماسكا ورصانة وتعقلا حيال الامتناع عن جلد اللبنانيين بسيناريوات الخوف على الكيان السياسي والجغرافي للبنان. بل اننا نلمح ولو بكثير من الحذر ان المجتمع الدولي على قصوره الهائل في اسناد لبنان سابقاً وحالياً في التخفيف من أعباء كارثة النازحين السوريين لا يزال يتوسم امكانات نجاة لبنان من واقع كارثي عميم. لسنا في وارد الطمأنينة المصطنعة طبعا في واقع لا ضمانات حاسمة فيه تمنع المخاوف من التفاقم التصاعدي. ولكن هل يكون طموحاً مستحيلاً “لو” يسحب سجال “لو” من التداول فقط كنقطة هدنة داخلية؟