عاد ملف التوظيف غير الشرعي ليطفو على ساحة النقاش السياسي، خصوصاً في ظل فتح ملفات مكافحة الفساد والهدر القائم في الادارات العامة. ويُعتبر التوظيف غير الشرعي أحد الملفات الأكثر تداولاً، خصوصاً لما يشكّل من عبء دائم على خزينة الدولة وشبهات حول محاصصة ومنافع سياسية من خلال التوظيفات. وبدت ملفتة مداخلة مدّعي عام ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، حيث أشار إلى ادّعاء النيابة العامة في الديوان على عدد من الادارات وتحديداً على من وظّف وليس من توظّف.
لكن، ما قام به خميس من ملاحقة للتوظيفات غير الشرعية، تغاضى عنه الرئيس الأسبق لديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان. وتشير مصادر قضائية متابعة لملفات التوظيف غير الشرعي عن سعي حمدان في عهده الى إبقاء الملفات في درجه وعدم البت بادعاءات النيابة العامة لديوان المحاسبة. فبعد أن قامت وزيرة التنمية الإدارية مي شدياق منفردة بتجميد العمل في ستة عقود لموظفين غير شرعيين في وزارتها، قام حمدان بضغط كبير على شدياق كي تتراجع عن قرارها حتى وصل الأمر به الى عرقلة بعض ملفات الوزارة في ديوان المحاسبة. وتشير المصادر المتابعة للملف الى تدخّل سياسي فاضح مورس من خلال الوزيرة السابقة لشؤون التنمية الادارية النائبة عناية عزالدين التي حثّت حمدان على ارسال كتاب من ديوان المحاسبة الى شدياق كي تتراجع عن قرارها، طالباً منها انتظار القرار النهائي من ديوان المحاسبة.
وتأمل المصادر نفسها من الرئيس الحالي لديوان المحاسبة عدم تكرار الخطأ نفسه الذي أوقع حمدان نفسه فيه، وأن يترك غرف الديوان تقوم بدورها للبت بسرعة في ملفات التوظيفات غير الشرعية. كما ينتظر اللبنانيون خيراً من الوزراء المستقبليين في الحكومة المقبلة بعد تشكيلها ان يأخذوا قرارات حازمة من دون التهرّب من واجباتهم، من خلال وقف عقد النفقة لأي توظيف مخالف، كما قامت به الوزيرة شدياق، مما سيعيد بعضاً من ثقة المواطن بدولته.