Site icon IMLebanon

الإنترنت غير الشرعي في لبنان: عامان ونصف من التعثر وغياب الحلول

 

 

 

لم تشهد مسألة الإنترنت غير الشرعي حتى اليوم أي تطوّر إيجابي، إذ إنّ الملف لا يزال قيد الدراسة. وكشف وزير الاتصالات جوني القرم لـ”الجمهورية”، بعد اجتماع مع لجنة الاتصالات النيابية وديوان المحاسبة، أسباب عرقلة تنفيذ المرسوم رقم 9458 الصادر في حزيران 2022 وعدم ضبط الشبكات غير الشرعية.

بدايةً، ركّز المرسوم رقم 9458 تاريخ 30 حزيران 2022 على ثلاث نقاط وهي:

– ضبط الشبكات من قِبل وزارة الاتصالات.

 

– وضع الشبكات بتصرّف الوزارة لإدارتها.

– التعاقد لصيانة هذه الشبكات، مع تحديد مهلة 6 أشهر للتنفيذ (انتهت في نهاية العام 2022).

لكنّ النتيجة بعد مرور سنتَين ونصف السنة لا تزال على حالها، إذ إنّ الوزارة لم تقم بالخطوات المتوجّبة عليها وتجاهلت المرسوم الذي اقترحته هيئة أوجيرو في 19 نيسان 2022، على رغم من أنّه كان أبسط وأكثر فاعلية في التطبيق. وتضمّن الاقتراح:

– خفض سعات الإنترنت للشركات الخاصة بما يتناسب مع أعداد المشتركين المصرّح عنهم.

– إلزام الشركات الخاصة بالتصريح عن أعداد المشتركين الحقيقية وفق تقديرات أوجيرو.

– تحويل الشركات غير الشرعية إلى شرعية عبر السماح لها بالتصريح عن نفسها، التقدّم بطلبات استثمار الشبكة، التصريح عن المشتركين، وتسديد الرسوم.

استندت أوجيرو في اقتراحها إلى دراسة أظهرت زيادةً بـ157,889 مشتركاً غير مصرّح عنهم في أول شهرين من العام 2022. بالإضافة إلى ذلك، كشف تقرير ديوان المحاسبة في 11 تشرين الثاني 2021، الذي أعدّته القاضية زينب حمود، أنّ أوجيرو، التي تملك 280 ألف مشترك، تستعمل سعات دولية تبلغ 92 غيغابَيت/ثانية، بينما الشركات المرخّصة تستهلك 470 غيغابَيت/ثانية لخدمة 145 ألف مشترك فقط، على رغم من حاجتها الفعلية لـ43 غيغابَيت/ثانية فقط.

يشير ذلك إلى أنّ هذه الشركات تشتري سعات أكبر بكثير من حاجتها المصرّح عنها لتغطية حاجات السوق غير الشرعية. وأوضح التقرير أيضاً أنّ بعض الشركات المرخّصة تعمل فقط على بيع الإنترنت للشبكات غير المرخّصة من دون أن يكون لديها مشتركون شرعيّون، ممّا يُثير تساؤلات حول كيفية حصولها على التراخيص.

 

توضح الفقرة، أنّ اقتراحات أوجيرو لم تؤخذ في الاعتبار بسبب الضغوط من الشركات الخاصة. وإقرار المرسوم رقم 9458 من قِبل مجلس الوزراء في 30 حزيران 2022 ثبّت سلطة الشركات الخاصة، خصوصاً تلك التي تتمتع بنفوذ وملاءة مالية كبيرة.

وتجاهل المرسوم اقتراحات أوجيرو واتخذ خطوات لصالح الشركات الخاصة، إذ سمح للشركات المرخّصة باستثمار الشبكات غير المرخّصة. كما فتح المرسوم الباب لنقل ملكية الشبكات غير المرخّصة إلى شركات DSP (Data Service Providers)، ومنح أصحابها عقد صيانة لمدة 3 سنوات قبل الخروج من القطاع نهائياً.

فالمادة الـ16 تُحدّد الإجراءات الواجب اتباعها قبل استثمار أو صيانة الشبكات. لكنّ وزير الاتصالات تجاهلها وطلب توقيع عقد مع أوجيرو لصيانة الشبكات غير المرخّصة مقابل 300 مليار ليرة سنوياً، ما أثار اعتراض ديوان المحاسبة.

عندها أقرّ الوزير بعدم تمكّنه من تكوين ملفات لأكثر من 106 شركات من أصل 600 شركة غير شرعية.

وينصّ المرسوم على ضبط الشبكات وإحالتها إلى القضاء قبل توقيع عقود الصيانة، ممّا يُثير تساؤلات حول كيفية توقيع العقد مع أوجيرو. وشدّد ديوان المحاسبة على ضرورة ضبط الشبكات وتحويلها إلى القضاء لضمان إيرادات للدولة وتعزيز سيادتها. كما أوصى بإجراءات لتأمين استمرارية الخدمة للمواطنين وإلزام أصحاب الشبكات بالرسوم.

كما أنّ هيئة الاستشارات رفضت طلب الوزير إصدار آلية تكليف بغرامة مالية، مؤكّدةً أنّ وزارة الاتصالات تملك صلاحيات فرض الغرامات منذ 2017 من دون الحاجة إلى آلية جديدة. وتبيّن أنّه في عام 2021، كانت أوجيرو تملك 60% من سوق الإنترنت الشرعي، ومع تحرّكات الوزير، ستنخفض حصّتها إلى 34% مقابل 65% للشركات الخاصة.

 

من هنا، ردّ الوزير القرم عبر لـ”الجمهورية”: “إنّ عدم التمكّن من ضبط الشبكات المخالفة ووضعها بتصرّف وزارة الاتصالات والتأخير الحاصل بتوقيع العقود يعود للأسباب التالية:

– عملية الضبط للشبكات المخالفة لا تقتصر فقط على التعرّف على الشبكة المذكورة ومنشَئها/مشغّلها، بل إنّها عملية متكاملة تبدأ من هؤلاء الفرقاء المعنيّين ومحتويات عملهم (إنشاء وتشغيل شبكات خلافاً للقانون) فالخطوة الأهم هي أن تعود إدارة أي عمل على هذه الشبكة بعد ضبطها لصالح وزارة الاتصالات.

– بدايةً من تأمين ربط الشبكة وفق الأنظمة المعمول بها أي عبر شبكة وزارة الاتصالات أو شبكات شركات نقل المعلومات الخاصة المرخّص لها قانوناً، وإتمام هذه الأعمال يتطلّب تعاوناً بين 3 أطراف، الأول هو صاحب العلاقة والثاني هو شركات نقل المعلومات المرخّصة وشركات تزويد خدمة الإنترنت المرخّصة والطرف الثالث هي الدولة عبر إدارة وزارة الاتصالات وإدارات أخرى معنية.

– مروراً بتحقيق رقابة كاملة على نشاط هذه الشبكات المضبوطة وفق الأنظمة المعمول بها وإدارة الوزارة التنظيمية للخدمات عليها وفق الأصول، لاسيما خدمة الـBitstream المعرّفة والمنظمة منذ سنة 2006 أو الخدمات المماثلة المؤمّنة من قِبل شركات نقل المعلومات الخاصة بموجب عقد نموذجي يرعى قاعدة بيانات المشتركين واشتراكاتهم (لا سيما تلك التابعة لوزارة الاتصالات). وكل ذلك وفق الأنظمة ومراسيم التعرفة (من أحكام وشروط للخدمات المتاحة)”.

وأكّد القرم أنّ ذلك لم يتوفّر على رغم من وضوح هيكلية تنفيذ مضمون المرسوم، ولم يتمّ بسبب عدم التعاون بين الأطراف الثلاثة.

 

أمّا لناحية القيام بالمهام المطلوبة لإعداد العقد النموذجي وإبرام العقود، أوضح وزير الاتصالات: “تمّ ذلك ضمن مهلة الـ6 أشهر المحدّدة في المرسوم. علماً أنّ وزارة الاتصالات قد قامت بجهد كبير لتجميع المعلومات وتوثيقها واستلام تصاريح من عدد من المخالفين، وقد أصبح تنفيذ مضمون القسم الرابع من المرسوم 9458 بمراحل متقدمة”.

وأضاف: “بالنسبة إلى عدم الأخذ باقتراحات هيئة أوجيرو في نيسان 2022، فإنّ الهدف الأساسي هو إصلاح الوضع من دون وضع المواطن اللبناني رهينة وقطع الخدمة عنه”.

وأشار القرم إلى أنّ الوزارة أعدّت آلية لتطبيق أحكام المرسوم كما ورد في المادتَين الـ16 و17 منه من دون أي استنسابية، بالتالي تنفّذ مضمونها بجدّية ومن دون أي تناقض. بالإضافة إلى ذلك شدّد الوزير على أنّ وزارة الاتصالات نفّذت جميع التوصيات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة رقم 11/11/2021. كما أنّها أعدّت مشروع عقد مع هيئة أوجيرو لصيانة الشبكات المخالفة، ولا يُصبِح هذا العقد نافذاً إلّا عبر ضبط هذه الشبكات ووضعها بتصرّف وزارة الاتصالات لإدارتها.

ختاماً، يتضح أنّ مشكلة الإنترنت غير الشرعي في لبنان لا تزال قائمة من دون تحقيق تقدّم ملحوظ على رغم من مرور سنتَين ونصف السنة على صدور المرسوم رقم 9458.

وتشمل التحدّيات التي تواجهها وزارة الاتصالات، ضغوط الشركات الخاصة وعدم تعاون الأطراف المعنية، ممّا يعوق تنفيذ الإجراءات اللازمة لضبط وتنظيم الشبكات غير الشرعية.