اليوم 17 تشرين الأول 2015، كنا نتمنى ومعنا الكثير من اللبنانيين أن يكون يوماً مجيداً نُعلِّق الآمال عليه لتواريخ لاحقة، لكن للأسف الشديد فإنه اليوم الذي نختم فيه الشهر الثالث على أزمة النفايات، لنبدأ غداً الأحد الشهر الرابع على هذه الأزمة التي بدأت أن تتحوَّل مستعصية.
***
الدول التي تُعطي الآمال لشعوبها تتوقف عند غير أنواع من التواريخ:
في اليابان يُعطون تواريخ لابتكارات جديدة.
في كاليفورنيا يُعطون تواريخ جديدة لإطلاق أحدث التكنولوجيات.
في روما وباريس يُعطون تواريخ لإطلاق أحدث إبتكارات الموضة.
في لندن ونيويورك يُعطون تواريخ لأحدث عناوين الكتب التي ستصدرها هاتان المدينتان العظيمتان.
في فيينا وامستردام يعطون تواريخ لأحدث مواعيد الإبتكارات السياحية.
في برشلونة واستوكهولم يعطون تواريخ لأحدث معارض التكنولوجيا.
وغيرها وغيرها من الدول والعواصم التي تفخر بماضيها وحاضرها وتراهن بثقة وثبات على مستقبلها.
***
أين نحن من كل ذلك؟
ما هي التواريخ والمواعيد التي نُعطيها لأبنائنا وأحفادنا وأجيالنا؟
هل من تواريخ قصيرة المدى أو متوسطة المدى أو بعيدة المدى زمنياً؟
هل من أمل؟
عندنا تتبدّل المصطلحات، فبدلاً من أن نتحدّث عن تواريخ ومواعيد فإننا نتحدَّث عن إستحقاقات، وهناك فرقٌ شاسع بين معنى الموعد ومعنى الإستحقاق، فالموعد يختاره الإنسان فيما الإستحقاق كأنه قضاء وقدر، فهل بتنا نعيش على الأَقدار؟
***
يبدو اننا أصبحنا هكذا، نحاول أن نخرج من حاضرنا إلى مستقبلنا، فماذا نجد غير الأرقام المرعبة والمخيفة؟
تقول لنا الأرقام أنَّ البطالة بدأت تطرق باب كلِّ بيت، ثلث الشعب اللبناني عاطل عن العمل، ما يعني أنَّ في كل بيت شخصاً من دون عمل، معظم هؤلاء ولا سيما القادرين منهم، يتطلعون إلى الهجرة، وهكذا يُصبح لدينا بيوت لبنانية فيها فردٌ من دون عمل وفردٌ يتطلع إلى الهجرة، أما الأفراد الآخرون فمنهم مَن هم في سن التقاعد، لكن التقاعد عندنا غير مضمون، بمعنى أنَّ ليس هناك مَن يوفِّر لهم الحد الأدنى لمستلزمات التقاعد، هذا كله يؤدي إلى أن يُصبح القلق لدى الناس حالة عامة ومعمَّمة وليس حالة خاصة.
بعد هذه اللوحة القاتمة، عن أي مستقبل بالإمكان الحديث؟
إذا كانت خطة جمع النفايات قد استلزمت حتى الآن ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، ولم تصل بعد إلى أي نتيجة إيجابية، فماذا عن سائر المشاريع الأكثر تعقيداً؟
بلدٌ لا يعرف كيف يجمع نفاياته فكيف بإمكانه جمع سياسييه حول موقف واحد وحول توافق واحد للملفات المطروحة؟
***
صحيحٌ أنَّ العيش في الحاضر من أجل المستقبل هي القاعدة الصحيحة، لكننا نحن نعيش على الإستثناء:
نعيش وهم المستقبل بسبب مآسي الحاضر.