العماد ميشال عون قرّر المواجهة مع حكومة المصلحة الوطنية من دون ان يكشف عن طبيعة هذه المواجهة وهل هي الاستقالة منها، أم نسفها من الداخل بالتفاهم من حليفه حزب الله الذي أعلن التزامه بهذا التحالف، واعتماد خيار التيار الوطني الحر داخل الحكومة وخارجها مع تأكيده هذه المرة على عدم خروج وزرائه من الحكومة؟
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لجأ وزراء التيار الوطني الحر إلى المشاكسة، لكن الأكثرية الوزارية تابعت عملها وأقرّت أحد البنود المهمة والمتعلقة بدعم المزارعين في تصدير الإنتاج الزراعي عبر البحر بعدما سدت في وجه لبنان كل أو معظم المنافذ البرية إلى العالم العربي.
وفي الجلسة نفسها ردّت الأكثرية على محاولة وزراء التيار البرتقالي برفض التنازل عن صلاحيات رئيس مجلس الوزراء سواء تلك المتعلقة بوضع جدول الأعمال أو المتعلقة بإدراج مواضيع طارئة من خارج جدول الأعمال، وهذه الأكثرية نفسها رفضت ان يفرض عليها وزراء التيار موضوع التعيينات الأمنية، وعندما سئل الوزير المختص عن هذا الموضوع كان جوابه الواضح «كل شيء بوقتو» أي ان البحث في التعيينات غير وارد قبل انتهاء ولاية قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، أي ان مشاكسة وزراء التيار البرتقالي لن تؤدي إلى فرض هذا الموضوع على مجلس الوزراء، وإلزامه البت فيه إيجاباً أي تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش كمرشح وحيد لهذا المركز كما هو الحال بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية حيث يعرض العماد عون نفسه كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية وإلا فليبقَ الشغور في رئاسة الجمهورية إلى ما شاء الله رغم الاضرار التي تلحق بالمسيحيين ليس في لبنان، بل في الشرق كلّه، لأنه الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط.
من هنا يتضح ان العماد عون دخل في مواجهة مع اللبنانيين بشكل عام ومع المسيحيين في شكل خاص منذ ان طرحه حزب الله كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية والا لا رئاسة ولا انتخابات وهذا ما حصل تماماً حيث مضى حتى الآن أكثر من أربعة عشر شهراً على الاستحقاق الرئاسي، ولم يتمكن اللبنانيون من انتخاب رئيس لهم، ولأن رئيس التيار البرتقالي ومعه إيران وحزب الله يخططان لتغيير النظام اللبناني بحيث يتحوّل إلى نظام رئاسي كما يطالب رئيس التيار أو نظام فيدرالي أو كونفدرالي تتولى فيه الأقليات حكم نفسها بنفسها وإن كان لا يزال هناك حكومة مركزية كما يدعي رئيس التيار.
لكن، العماد عون يعرف في قرارة نفسه ان تقسيم لبنان إلى «كوتونات»، ممنوع وقد سبق وجربت هذه المحاولة وباءت بالفشل ولا يعتقد أحداً سوى رئيس التيار الوطني الحر ان هذا الطرح مقبول دولياً وهو أقرب إلى المستحيلات منه إلى الواقع، ويصبح قرار المواجهة الذي أعلن عنه لا قيمة ولا معنى له في ظل وجود أكثرية داخل مجلس الوزراء وفي الشارع ترفض انزلاق لبنان نحو الفتنة.