IMLebanon

عماد وابنه جهاد.. وثالثهما سوريا!

لم يكن المشترك الوحيد بين الشهيدين الحاج عماد مغنية وابنه جهاد أنهما من عائلة واحدة او ينتميان إلى «حزب الله» فقط، إنما المشترك هو الشهادة على ارض سوريا، فالحاج عماد استشهد في العاصمة دمشق قبل ست سنوات، وجهاد في القنيطرة. اختلف الزمنان في المدة وفي أحوال البلاد، ولكن المكان والحدث كانا واحدا بينهما.

تابع السوريون ورود خبر عاجل عن استهداف الاحتلال الاسرائيلي بغارة على منطقة القنيطرة في الجنوب السوري. انتظروا توضيح ما اذا كانت الغارة استهدفت موقعا للجيش السوري، انتظروا صدور بيان من قيادة الجيش السوري، ولكن، جاءهم الخبر العاجل مختلفا: استهداف مجموعة تابعة لـ «حزب الله».

ليست المرة الاولى التي يسقط فيها شهداء للحزب في سوريا، المختلف كان في إعلان قيادة الحزب اسماء الشهداء وبينهم جهاد ابن الشهيد الحاج عماد مغنية، فتفاعل معظم المتابعين مع الغارة بطريقة مختلفة.

مع هذا الاعلان مساء، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور الشهداء، التعليقات الاكثر كانت تتوجه إلى اشتراك استشهاد «عماد وجهاد» في بلادهم، فعادوا إلى نشر صور ومقالات منذ ست سنوات في يوم استهداف عماد مغنية في دمشق، وخطابات السيد حسن نصر الله على مدى هذه السنوات التي ذكر فيها وعده بأن «دماء الحاج رضوان لن تذهب هدرا».

ومع مرور الوقت، بدأت الصفحات تتناقل الكلمات المصورة التي ألقاها جهاد مغنية يوم استشهد والده وفي ذكراه، ليبدأ جمع صورة كل من الشهيدين في صورة واحدة. ومع صدور اسماء باقي الشهداء، انتقل المتابعون إلى البحث عن دورهم ووجوههم في الحرب.

في الصباح، كانت اسماء الشهداء هي حديث الناس. بالقرب من مدخل باب توما ترتفع صور للشهداء على جدران الباب القديم. يقف شاب يرتدي ثياباً عسكرية يتحدث مع مجموعة يقف معها: «هؤلاء الشهداء.. جميعنا نقاتل بهدف واحد على أرضنا».

أنظار السوريين توجهت بشكل كبير إلى الجولان السوري المحتل والمنطقة الجنوبية، فهي التي كانت اخبارها في الإعلام ضئيلة أصبحت الآن هي الاولوية، خاصة أنها أصبحت الآن حدودا مفتوحة بشكل واضح بين الجنوبين السوري واللبناني.

«أبو خالد» رجل اربعيني يقول لـ «السفير» وهو يقلب صفحات الجريدة بين يديه: «في أيام الانتفاضة الفلسطينية عام 2001 وما بعدها، كنا نخرج بمسيرات وكنا نردد شعار: «يا بشار ويا لحود يلا فتحولنا الحدود». يبدو أن الازمة في بلادنا فتحت هذه الحدود وهي وصلت الآن إلى الجولان».

وليد، شاب يتابع مراسم تشييع الشهيد جهاد، يقول لـ «السفير» ايضا: نحن ننتظر الرد كيف سيكون، أتابع التحليلات منذ الامس، ولكن الاساس يبقى موقف الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله .

الانظار تتجه الآن إلى ما بعد الاغتيال، فوزير الإعلام السوري عمران الزعبي ربط ما حدث في القنيطرة بالحرب على سوريا، فاعتبر أن هناك تحالفا سريا عميقا بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويقول: «اليوم لا نتحدث عن عميل هنا وأجير هناك، بل عن تنظيمات شكلتها استخبارات وتحركها دول، وتصرف إسرائيل محاولة لرفع معنويات هذه التنظيمات».

المتابعون العسكريون للشأن الاسرائيلي في القناتين الاولى والثانية يتساءلون عن مدى وضع الجيش الاسرائيلي خططا واضحة لما بعد الاغتيال الذي قد يشعل حربا مع لبنان وسوريا، خصوصا أن «حزب الله» أصبح منتشراً على طول هذا الخط. فقد كانت التحليلات العسكرية تتجه نحو دور «حزب الله» في القلمون، اما الآن فأصبح الحديث عن الدور في جنوب سوريا، وهو ما يفتح طرق الرد، من الاغتيالات والتصفيات وصولا إلى المواجهة العسكرية، من دون إغفال المعارك الداخلية مع المجموعات المسلحة وعلى الحدود اللبنانية.

وقد نشرت «السفير» في وقت سابق، نقلا عن مصدر ميداني سوري، عن الأهمية الجغرافية لهضبة الجولان المحتلة للمجموعات المسلحة والاحتلال الاسرائيلي، التي تصل بين سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، وقد أشار حينها المصدر بأن اسرائيل تقوم بتأمين العلاج للمسلحين الذين وصل عددهم بحسب الإعلام الاسرائيلي إلى 1200 مسلح، وتأمين التغطية النارية لهم في معاركهم مع الجيش السوري.

إن كان الاغتيال جاء على الارض السورية، فهل يكون الرد على هذه الارض؟ هل الجولان السوري أصبح مساحة جاهزة لدخول المقاومة بشكل أكبر؟ أسئلة كثيرة يطرحها السوريون، وفي انتظار الأيام لكي تجيب عنها، سيبقى السوريون يذكرون أن الحدود بين البلدين وتأشيرات السفر لم تمنع جهاد مغنية من أن يختار الارض السورية للشهادة التي سبقه والده إليها على الارض ذاتها.