يستحق اللواء عماد عثمان كل احترام وتقدير، نظراً لصدقيته ولتفانيه في العمل وحرصه الشديد على الالتزام بالقانون وفي قناعته رسوخ لضرورة التنسيق بين قوى الامن وبين القانون المتمثل بالقضاة. وهو يعتبر أنّ أي عمل يقوم به اي رجل أمن، يجب أن يكون بالتنسيق مع القضاء والتزام الجميع الشروط التي يفرضها القانون.
وقبل أن أبدأ كلامي، لا بد من الاشارة الى انه في الزمن الغابر، كانوا يقولون: «الكذب ملح الرجال»، ولكن يبدو ان هذه المعادلة قد تبدلت وأصبحت «الكذب ملح المخنّثين».
اما ما يقوله وزير الاعلام في عهد هتلر فكان شعار رفعه وزيره غوبلز «اكذب اكذب اكذب فربما يصدّقك الناس» فكان هذا عنوانه.
بالعودة الى الرسالة التي وجهها اللواء عماد عثمان الى الشرطة القضائية، يجب أن نعلم ما هي الدوافع لتلك الرسالة.
ببساطة عندما رأى اللواء عثمان أنّ اضراب القضاة بدأ يؤثر سلباً على عمل قوات الأمن، رأى انه لا بد من أن يأخذ قراراً استثنائياً يحد من هذا الامر.
والحقيقة ان الدافع الحقيقي أيضاً حادثتان جرتا مع الشرطة القضائية:
الحادثة الأولى: ان قوات الامن ألقت القبض على قاتل، وبعد عدّة محاولات للاتصال بأحد القضاة، كان جواب القاضي انه في حال اضراب، وهو ملتزم بعدم اتخاذ أي قرار.. هنا احتار المسؤول الأمني ماذا يفعل فما كان منه إلاّ أن أطلق سراحه.
والحادثة الثانية: حين وقعت سرقة مهمّة واستطاعت قوى الامن إلقاء القبض على السارق… فما كان من الضابط المسؤول إلاّ الاتصال بالمسؤول القضائي وعرض معه ما جرى وأنه ينتظر قرار القضاء… جاء جواب القاضي انه ملتزم بإضراب القضاة، ولا يستطيع أن يعطيه أي أوامر ما اضطر الضابط الى إخلاء سبيل السارق لأنه لا يريد أن يخالف القانون.
وفي الحادثتين حرصتُ أن لا أذكر أي اسم: لا الضابط ولا القاضي ولا المجرم… حرصاً على القضاء أولاً وعلى قوى الأمن ثانياً.
سؤالي هنا: هل هذا معقول، أو مقبول؟ طبعاً كلا. لو كنا مكان اللواء عماد عثمان فماذا سنفعل؟
أظن أنّ الرسالة التي وجهها اللواء عماد عثمان الى الشرطة القضائية هي أقل عمل يمكن أن يقوم به مسؤول كبير عن حياة الناس وأموالهم، والسهر على أمنهم.
في الحقيقة ان كل مسؤول عنده ضمير لا يمكن ان يقبل بأن يُلقى القبض على مجرم بالجرم المشهود ويتم تركه… كذلك لا يمكن أيضاً أن يُلقى القبض على سارق ويتم إخلاء سبيله.
ما هذا يا جماعة، هل نحن نعيش في غابة ليس فيها أي قانون إلاّ قانون شريعة الغاب؟ وأين الأخلاق وأين الثواب والعقاب؟ لقد صار كل هذا في خبر كان.
بهذه المناسبة شكراً لمعالي وزير الداخلية القاضي بسام مولوي على موافقته على المذكرة التي أصدرها اللواء عثمان، خاصة وأنّ اللواء كان قد زار الوزير وأطلعه عليها، ولم يكن هناك أي ملاحظة عليها قبل إرسالها الى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وذلك منذ ثلاثة أشهر… كذلك فإنّ عويدات لم يعترض على المذكرة وهذا يعتبر موافقة مسبقة على تنفيذ ما جاء فيها، وقد تزامن هذا الإجراء مع اعتكاف العدد الأكبر من القضاة عن متابعة أعمالهم، بل ان بعضهم ذهب الى إقفال هواتفهم اعتراضاً على تدهور رواتبهم حيث ان الراتب لا يكفي ثمن بنزين لسيارة أو حتى أجرة الخادمة في البيت وغيرها، حيث كان الموظف أو القاضي يعيش عيشة كريمة، اما اليوم فالوضع أصبح غير مقبول أبداً.
اما بالنسبة للمذكرة التي أصدرها مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات خاصة بعد زيارة اللواء عثمان له، فكانت مفاجأة بحد ذاتها خاصة اننا كنا نتمنى على مدعي عام التمييز أن يكون أكثر تعاوناً مع القوى الأمنية التي تضحّي بالغالي والرخيص من أجل السهر على حياة وأمن جميع المواطنين… خاصة ان عناصر الأمن يتعاملون مع وضع اقتصادي ظالم من جميع النواحي المادية والاقتصادية والمعيشية والاستشفائية..
كما كنا نظن ايضاً ان حضرة القاضي المميز سوف يلقّن القاضية غادة عون التي تطاولت على القانون وعلى الأعراف وعلى رئيسها بالذات، كان بالأحرى أن يتخذ بحقها إجراءات تكون عبرة لغيرها.. ولكن للأسف الشديد لم نر أي شيء من ذلك ولكننا ننتظر، غير متفائلين لأنه كما يُقال «المكتوب يُقرأ من عنوانه»..