IMLebanon

الخلل في مالية الدولة؟!

 

اضافة الى اعتبار مؤسسة كهرباء لبنان ادارة خاسرة ومفلسة نظرا لاتكالها على مالية الدولة، فان معدل مديونية المشتركين فيها عن اربعة اشهر (منها شهران اضراب محصلي الفواتير) بلغ زهاء سبعين مليار ليرة، من غير ان يتحرك اي مسؤول سعيا وراء تسريع التحصيل وكأن مالية هذه المؤسسة لاتهم احدا ولا تعاني من خسائر، مع العلم ان الواجب يفرض التحصيل كل شهرين مرة بالتناوب لكن الحاصل ان الجباية معدومة لاعتبارات مجهولة، ليس لان جباة الاكراء  قد تحولوا الى موظفين الا ان اعمالهم مجمدة وهكذا الاموال الواجب  جبايتها من المشتركين.

السؤال المطروح:  هل صحيح ان مجالات عمل جباة الاكراء غير محسوبة ماليا والا ما معنى تأخر الجباية لترتفع المديونية الى مئة وعشرين مليار  ليرة، وهناك من يجزم بان الرقم قد بلغ ثلاثماية مليار ليرة في مدة اربعة اشهر حيث لا تتم الجباية من غير معرفة الاسباب، سوى ان المطالبين بالجباية لم تعد تعني لهم اعمالهم شيئا بعدما تحولوا الي موظفين في الملاك (…)

ان الفرق شاسع بين دائرة الجباية في «اوجيرو» عن فواتير واستحقاقات الهاتف يقدر باكثر من تسعة مليارات ليرة في الشهر وهو عمل منتظم ليس لان الجباية تتم مباشرة من المشترك، بل لان كل من يتأخر يوما واحدا عن استحقاق الشهر يقطع عنه الهاتف وثمة من يسأل هل بالامكان مساواة جباية الكهرباء بجباية الهاتف، مع العلم ان مناطق شاسعة واسعة لا تدفع فواتيرها بقوة الامر الواقع، فضلا عن ان الجباة يخافون على انفسهم عندما يكلفون بالتحصيل من مناطق معينة تنال نصيبها  من التغذية الكهربائية مثلها مثل اية منطقة تدفع ما عليها من مستحقات!

تجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان المناطق التي لا تدفع مستحقات الكهرباء تتكل على التعليق غير الشرعي وغير القانوني ولا مجال لمحاسبتها لانها محمية كما سبق القول، وكثيرا ما ينال الجباة نصيبهم من الضرب والاعتداء عندما يراجعون بالمستحقات الا في ما ندر، وهذا الشيء لا ينطبق على مناطق اخرى تدفع مستحقاتها بالكامل، ما يجعل التحصيل غير متوازن بين التغذية بالكهرباء وبين تحصيل المستحقات ولا مجال في هذا السياق لمراجعة اي مسؤول عما يسمح بتصحيح الخلل. ما يزيد الامر سوءا  ويضاعف من خسائر المؤسسات التي بشرونا بتخصيصها، اقله لمنع الهدر في مالية الدولة. والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى مؤسسات المياه التي تجبر المشتركين على دفع مستحقاتهم والا وجدوا انفسهم من دون مياه!

ان هذا الكلام لا يشكل افتئاتا  على احد بقدر ما ان المقصود منه وضع الامور في نصابها، وهذا عائد الى الخطأ في اعتماد الخصخصة بطريقة غير علمية يسري مفعولها على مؤسسات من دون اخرى، ولا حاجة بعد الذي  تقدم لسؤال الدولة عن الهدر من خلال عدم التحصيل، وبالتالي  عبر التوظيف العشوائي حيث ينظر بعضهم الى الدولة بمثابة بقرة حلوب يصح الاستفادة منها لتجنب اغضاب السياسين الذين يعملون جهدهم لافقار الدولة وكأنهم غير مسؤولين عما يفعلونه بطرق ووسائل غير مشروعة شبيهة بما سبق القول عنه ان كل مسؤول يتطلع الى ما يفيد جماعته ليس الا (…)

ان  هكذا تصرفات تزيد من مديونية الدولة وتعزز فلتان المال العام طالما ان كل ما على الدولة جبايته يذهب هباء وليس من يسأل  عن هذا الفلتان المالي – الاداري لمجرد ان ما يجب تحصيله لا يحصل ولا يسأل احد عنه، من غير ان يشكل التحصيل في فواتير الهاتف العادي والخلوي اي دافع لتصحيح العمل في مؤسسات الدولة المسؤولة عن جباية المال العام، من غير شروط قياسا على عدد من الادارات المعنية بالتحصيل والجباية؟

صحيح  ان هناك مؤسسات وادارات رسمية غنية في مداخليها مثل المرافئ ودوائر الجمارك وتسجيل البيوعات من عقارات ومؤسسات من دون ان يسأل احد عن الاسباب التي تمنع مساواة غيرها بها ليس لانها تحصل لقمة عيش الدولة وموظفيها، بل لانها لا تلحق خسائر في القطاع العام، اضف الى ذلك ان الانتاجية في هذه المؤسسة لا تقاس بالفلتان المالي في مؤسسات اخرى من دون ان يسأل احد عن الاسباب (…)

وصحيح ايضا ان هناك مؤسسات تعمل للصالح العام من دون ان تتقاضى قرشا واحدا عن تقديماتها مثل وزارات الصحة والتربية والزراعة والاشغال العامة والنقل، وهي وغيرها تقدم خدمات فائقة الكلفة وليس من يطالب بتحسين اوضاعها كي لا يقال  ان الدولة تفيد جهة على حساب جهة وطائفة على حساب طائفة اخرى، مع العلم ان استمرار الفلتان سيؤدي الى كارثة تضر بجميع اللبنانيين في حال لم يعمل المعنيون على اصلاح الخلل؟!