بدت الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية وكأنها قد كرست تحالفات على حساب تحالفات اخرى من شأنها توطيد دعائم العلاقة بين حزب التيار الوطني والقوات اللبنانية حيث كان فهم متبادل لما هو مرجو من كل ما حصل في معراب من مصالحة وتفاهم يفهم منهما ان الجانبين يخشيان من غدرات الزمان، لاسيما بالنسبة الى ما قد يطرأ على تحالف التيار مع حزب الله، مقابل تحالف القوات اللبنانية مع تيار المستقبل جراء ما حصل من هنات في نتائج انتخابات العاصمة، على رغم مما تردد خلال الساعات القليلة الماضية من تساؤلات عن جدوى تفاهم القوات والتيار الوطني، بعدما تبين ان للطرفين توجهات من شأنها رفع مستوى التساؤل عن الجدوى السياسية بالنسبة الى الانتخابات البلدية والاختيارية؟!
لقد ظهر في مناطق تحالف جدي ورصين بين القوات والتيار الوطني، فيما كان تباين في مستوى القاعدة حيث حافظ التباعد على شيء من التساؤل طالما ان الارض لم تحسم لطرف على حساب طرف آخر، وهذا ان دل على شيء فعلى عدم جدية التقبل السياسي بين شعبيتي الطرفين، لاسيما ان التباعد ظهر في مناطق معينة على حساب مناطق اخرى لا بد من ان تتخمر باتجاه تصعيد المواقف عندما تدعو الحاجة الى ذلك، وهذا غير مستبعد خصوصا عندما يقال ان التيار ايد لائحة القوات اللبنانية في منطقة وخالفها في منطقة اخرى؟!
هذا المشهد ترك تأثيرا سياسيا وشعبيا بين القوات والتيار ويبقى مرشحا لمزيد من الاستغراب بعد الذي حصل في انتخابات مناطق الجبل عموما، حيث دار نزاع واضح المعالم بين الجانبين، من غير ان يظهر التفاهم جديا في بعض المجالات حيث كان لكل طرف اجتهاد بالنسبة الى من يؤيده. والمقصود هنا هو التيار الوطني الذي كانت له مواقف متباينة بين اللائحة الواحدة، حيث تردد ان تأييده كان لمصلحة افراد وليس لمصلحة اللائحة وما ترك الانطباع بأن تفاهم الجانبين يحتاج الى المزيد من الجدية لبلورة ابعاده السياسية والشعبية.
وثمة من يجزم في هذا المجال ان نواب التيار الوطني ربما قد خالفوا القيادة في مواقفها من الانتخابات البلدية في منطقة على حساب منطقة اخرى مثلما حصل في منطقة الحدث حيث كان شد في اتجاه معين من جانب قيادتي التيار والقوات ما ترك الانطباع بأن النتيجة قد تؤدي الى مزيد من التباين بين لائحتين مدعومتين من التيار والقوات في آن. خصوصا ان المنطقة حساسة للغاية وهي على طرفي نقيض بالنسبة الى موقعها الجغرافي على تخوم الضاحية الجنوبية للعاصمة، حيث اعطى الناخب الشيعي صوته الى لائحة وحجبه عن اللائحة الاخرى.
هذا المشهد اخذ بعده السلبي واحدث هزة في صفوف الناخبيت المسيحيين الذين اضطرتهم ظروفهم لان ينتخبوا في الضاحية (حارة حريك – برج البراجنة) وهذا الامر مرشح الحدوث في مناطق جبيل حيث هناك غالبية شيعية لا تعطي صوتا واحدا لاي مرشح مسيحي، وما يقال عن ذلك يقال مثله من مناطق في الشوف ظهر تراجع واضح في اعطاء الصوت المختلف عن المرشح المختلف، وهذا من ضمن ما حصل تماما في مناطق شهدت هجرة مسيحية مثل الشويفات وعاليه وكفرمتى ورمحالا (…)
هل من مجال لاصلاح هذا الخلل؟ المطلعون يستبعدون ذلك طالما ان مجال الانتشار المذهبي لم يصحح الى الان في عدد كبير من مناطق عاليه والشوف وهذا محسوب بدقة في عدد من المدن والقرى حيث يظهر الفرق في معدل الاصوات الناخبة في حدود تتجاوز خمسين في المئة، من غير حاجة الى القول ان اليوم الانتخابي يمكن ان يصحح الخطأ باستثنائه قلة قليلة لا تتخطى عشرة في المنطقة كما حصل امس في الشوف وعاليه وبنسب يستحيل القول عنها انها متعافية؟!
المهم ليس القول ان الشيعي والدرزي لم ولن يصوتوا للمرشح المسيحي والعكس صحيح على رغم تدني النسبة بين الجانبين كواقع حال يسمح بالقول ان من الواجب تصحيح الخلل بمختلف وسيلة ممكنة، حتى ولو ادى ذلك الى ان تنتخب كل طائفة ممثليها في البلدية وفي مجلس النواب، والا سيستمر الخلل في طريقة ومستوى العملية الانتخابية، والا في حال تغير المشهد السياسي بالاتجاه الذي يخدم المصلحة العامة، حيث لا بد من القول ان الامور لن تستقيم من خلال الاعتماد على مطلق وسيلة ممكنة تجنب الجميع الانتخاب على الطريقة المذهبية وهذا قد يكون من مصلحة الجميع قبل ان تتطور الامور لحد الاسوأ سياسيا ووطنيا ومذهبيا؟!