يطغى خطر فيروس “كورونا” على غيره من الملفات السياسية والإقتصادية التي كانت مدار نقاش في البلاد، لكن من دون أن يضعها في جوارير النسيان.
لا شكّ أن “كورونا” يشغل لبنان والعالم، إذ إن هذا الفيروس الذي بات وباء عالمياً غيّر بعض المفاهيم التي تتحكّم بالسياسة العالمية وأصبح الهاجس الصحي هو الأول بعدما كان التنافس والتنافر بين الدول على ملفات عدّة في أشده.
أما لبنانياً، فإن الأنظار تتجه إلى كيفية تعامل الحكومة مع الأزمة الإقتصادية، وهي إستغلت أزمة “كورونا” لتفرض ضرائب جديدة على المحروقات بعدما انهار سعر برميل النفط عالمياً.
وتؤكّد مصادر وزارية في هذا المجال أن الحكومة ووزارة الطاقة لم تلجأ إلى ضريبة على البنزين، بل تريد أن تثبت سعره، وما يحكى عن ضريبة 5 آلاف ليرة ليس في محلّه، فقد انخفض سعر النفط عالمياً وهذه فرصة لتمويل خزينة الدولة الفارغة، لافتة في المقابل إلى أن المحروقات مدعومة من الدولة، ويؤمن مصرف لبنان الإعتمادات لشرائها على سعر الصرف الرسمي للدولار، وإذا أجرينا مقارنة مع دول الجوار نرى أن سعر البيع اللبناني لا يزال مقبولاً. في مقابل كل هذا يبقى الأساس هو إمكانية طلب لبنان الإستعانة بصندوق النقد الدولي من أجل إنقاذ البلاد من الإنهيار المالي والإقتصادي، وتشير المعلومات إلى أن هناك بحثاً جديّاً في أروقة الحكومة لطلب الإستعانة بصندوق النقد الدولي من أجل المساعدة في هذه المرحلة، لكن لم يحسم ما إذا كان الأمر سيتوقف على الإستشارة الفنية، أو يتعداه إلى طلب مساعدات عينية، بعدما إستشفت الحكومة اللبنانية من الدول المانحة أن زمن الهبات قد ولّى إلى غير رجعة، وعلى اللبنانيين الإعتماد على أنفسهم ووضع خطة إصلاحية جذرية من أجل الخروج من الأزمة. وفي حين يكثر الكلام عن إصرار الحكومة على وضع الخطة الإنقاذية والبدء بتنفيذها قبل بدء التعاون مع صندوق النقد الدولي، تتحدث المعلومات عن أن الموانع السياسية قد أُزيلت من درب التعاون مع الصندوق بعد حديث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن أن لا مانع في التعاطي معه، شرط ألا يضع شروطاً تمسّ بالدستور مثل طلب توطين اللاجئين أو وضع ضرائب جديدة تطاول الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وعلى هذا الأساس قد يكون قطار التعاون مع صندوق النقد قد إنطلق، في وقت يرى المعارضون للحكومة أن هذا الأمر لم يكن ليحصل لولا طلب إيران المساعدة الدولية، وترجمة ذلك عملياً بليونة “حزب الله” تجاه هذا الموضوع، وإلا بقيت الأمور مجمدة وتراوح مكانها من دون أي أسس واضحة للحلّ.
ويتخوّف البعض من أن يكون إبداء ليونة تجاه صندوق النقد هو مناورة سياسية من قبل “حزب الله” وذلك لتمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة، في حين أن المطلوب هو مساعدات سريعة لإعادة تعويم الإقتصاد اللبناني وإخراجه من المأزق الذي يمرّ به.
من الآن وحتى نضوج برنامج عمل التعاون مع صندوق النقد تبقى الإعتبارات السياسية قائمة عند كل فريق، في حين أن ما قد يسهّل المهمة أكثر ان حكومة الرئيس حسان دياب هي حكومة اللون الواحد وتتألف من فريق العهد و8 آذار، وبالتالي فإن ضابط إيقاعها واحد وإذا سارت في خطة معينة فإنها قادرة على تطبيقها لأنه لا مجال للمزايدات السياسية، مع ان بعض التباعد ظهر بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” بعد قضية إطلاق العميل عامر الفاخوري، على رغم اعتبار الكثيرين ان هذه القضية منسقة بين “الحزب” والعهد وإلا لما تمت عملية إخلاء سبيله.
وفي المحصلة، فإن بداية التعاون مع صندوق النقد هي إنطلاق الحل، في وقت يبقى الحل الفعلي بإجراء إصلاح شامل يوقف الهدر والفساد وسرقة المال العام.